لماذا نكتب - الرمادي

 لما نكتب؟

من المفترض قبل أن نمسك قلم تنسدل الحروف من ذقاق مداده على مسامع من يقرأ أن نسأل ذاتنا هذا السؤال، لما نكتب وليس عن ماذا نكتب.

في طور تغلغلي بين القراء وجدت الكثير مما يثير اشمئزازي حقًا، الكثير من الكتاب الذين وددتُ أن أسلهم نفس السؤال "لما تكتب؟" لكن ولأني شخص لا يحب خوض الجدالات محتومة النتائج قبل خوضها، فأعيد تأديب نفسي قائلًا "لا تحشري أنفك"

لكن حقًا، أعذرني دعني أطرح السؤال عليك يا من لا أدري ما أسمك "لما تكتب؟"

من أجل فتاة وتود استقطابها؛ لأنها لنيران الشوق في قلبك الهبت، أم لتخرج ما بداخلك من علل ومن كبت، تكتب لوصف شعور ينتابك، أم تفاخر وتلقبه تميز، فجعلت بين الوصفين تشابك، إن كان أي من كل هذا هو نيتك، فعذرًا يا صغير، لست بكاتب ولن تكون، رغم أنك لهذا الوصف تركض وتتهالك.

الكاتب ليس بواصف شعور، ومتفاخر على غيره بكلماته، سيسقطك بنفس التبعية رسامًا يتفاخر عليك بلوحاته، وبنفس التبعية سيكون هو رسام لا فنان، ويسقط فخره وتتقهقر مكناته، كما سيحدث معك بالضبط.

أن تصف شعور ما، حتى وإن تراقصت الكلمات على أوتار الإبداع لا يجعل منك كاتبًا، سيجعل منك مميزًا "في الكتابة" لكن لن يجعل منك "مميزًا" ستنحصر في ركن واحد في التميز، الجميع يستطيع أن يصف شعوره، إن لم يكن بالكلمات واللوحات و النوتات، فبالحزن والسعادة بالبكاء والضحك، نعم الأمر بتلك البساطة.

الكاتب هو رسالة، إن لم تكن تقدم رسالة ما، وليس شرط أن تكون مفيدة للبشرية، يكفي أن تكون رسالة فأنت لا شيء أنت طبيعي، فكما أن الإنسان هو قرار، في الكاتب هو رسالة، لن تكون نجارًا إلا بعد أن تقرر أن تكون نجارًا، وبنفس التبعية مع الطيار، أنت قرار، قرار يقرر نفسه.

بنفس التبعية فالكاتب والفنان متساويان في نفس المنزلة، كلاهما رسالة، ورسالة حضارية، على مدار العصور، فكفاكم تلطيخ وإهانة لعظمة المصطلح "كاتب" ما دمت لا تزال أحمق لم تعلم ما معنى تلك الكلمة أصلًا، أن تكون رسالة عبئ ثقيل حقًا، أن تحمل على عاتقك حضارة أمه، بعد أن صرت أعلام الحضارات.

سيستنبط المؤرخون كيف نعيش وأكنا نعيش بذل أم برفعة، وما هي ثقافتنا، وكم وصل مقداراها والكثير، والكثير مما نحدثه مع الحضارات السابقة، أنتم إعلام الحضارات، أيها السيدات و السادة "الكتاب" فأحرصوا على أن تقابلوا العصور القادمة بصورة مشرفة لهم تجعلهم يقولوا كما نقول نحن الآن، نحن أبناء بلاد "ايجبت".

الكاتب، هو من يصلح أجيالًا، لا أن يركض خلف فتاة أميالًا، لذا لنعيد صياغة الجملة، هل أصلحتم أجيالنا؟ حاولتم إيصال رسالتكم، وأظن أن الكثير تفاجئ من هذه الجملة، وقد صرخ صوت ما بداخله، وهل يوجد رسالة لدينا؟

نعم للجميع رسالته الخاصة ولكن القليل فقط هو من يصل إليها، والكثير، والكثير يغرق بين أمواج قشرتها، كلما وقع على سطح أحدهم قال هذه رسالتي، ومع أول نسمة هواء عبارة، تبخرها يكمل سباحة مغمض عينيه خاشيًا أن يغرق، وبعد معاناة كبيرة، يشعر بالأمان والخيبة، بعد أن يكتشف أن كل هذا كان يخشى مقدار قدم من المياه، فقد كان واقفًا على الشط

#لما_نكتب

#الكاتب_الرمادي



الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم