التشوه المجتمعي- رواية حضارة الشيطان

 لنعود للعبة الحرية الجميلة مجددًا، القاعدة الأم تقول أنك إن صرخت نابحًا على الجميع بأنك انسان، هذا يعني احتمالية أنك لستَ كذلك، فالجميع لا يتحدثون عن كونهم لأنهم يفترضون بطبيعة الحال أن هذا هم والجميع يرى أنهم كذلك، فقط من لا يصدقون بحقيقة أمورهم يحتاجون للكثير من الصراخ..

فتجد المثليين يهتفون يحاربون ويحاولون مستميتين اقناعك بأنهم طبيعيين هم لا يصدقون هذا هم يتمنوا لو كان هذا طبيعيًا لذا وجب النباح من أجل اقناعك بفكرة لن تهتم بحقيقتها نوعًا ما، فإن كان طبيعي سيكون من الطبيعي أن يكون موجود دون أن يخبرني هو كذلك!، ولن يقف الحد عند هذا، حتى ان تجاهلته سيهاجمك بأنك أنت لستَ الطبيعي يجب أن تكون مثله وإلا بك خللًا ولعل هذا الأمر ناتجًا عن خوف داخله بأن زيفه مهدد بالانكشاف، فوجب على الجميع أن يكون مجرمين حتى تكون خطيئتي أنا صالحة...

البشر يحبون الجدالات والمعارك والشجارات لن يستطيعوا اماتت صوت بعدم مجادلته او ترديده، سيجادلون، ليتم سماع صوت المذنب من قبل مذنب آخر، فيقول هو كذلك لنفسه لربما هذه فرصتي لأكون بريء ولنعكس آيتكم يا حمقى.. لنزد الصراخ ولنبكي قليلًا هم مُرهَفون سيتعاطفون.. أصبحت قضية حقيقة أساسها هراء، غلف القمامة بالمشاعر ستجدها أفخم القطع الفنية..

المشاعر.. ثم ضحك مجددًا بهدوء وهو يقول: أتعلم يمكنني أن أدخل منزلك واعتدي على زوجتك، فتأتي لتقتص مني فتضربني بشيء مدافعًا عن شرفك، فأخرج من المنزل باكيًا صارخًا وأشكو الألم الذي سببته لي، فيهاجمك الجميع، لِمَا لم تسلمه للشرطة! لربما هو وزوجتك كان يحبان بعضهما طلقها له، لِمَا لم تعاقب زوجتك أيضًا فهي أيضًا مذنبة، والكثير من الأسئلة التي لا تفهم قصدها أو المقصود، ماذا تريدون أنتم! نريد التعاطف معه فهو يتألم اجاد البكاء اما أنت فلا!  

بعد القليل من الوقت أبكي أنت متألمًا عما حدث معك من ذلك المجرم وزوجتك وأنك محطمٌ لا تستطيع العيش لتجدهم هم نفسهم طالبوا بإعدامه تعاطفًا معك... نعم لم يعد المعيار هنا الصواب والخطأ، أصبح الشعور هو القانون المسيطر على هذه البلدة..

لنعود لحديث تفتيت الأسرة.. أتعرف لما جعل أحد الأديان أن العصمة بيد الرجل وليس بيد زوجته! الرجال لا ينكرون الفراش حتى وإن ساءت طباعهم، وإن غضبوا يبتعدون عن الخسائر، الطلاق خسارة فيفكر ماليًا ومليًا في الأمر فلا يُطلِق... فيكون من الطبيعي أن تخضع الزوجة لزوجها والزوج يعلم حقيقة علاقتهم فلا يحتاج لفرض سيطرته، هو يعلم مسبقًا انها مفروضة! فلِمَ سيحتاج للصراخ كل لحظة بأني الرجل اطيعيني! يصبح الرجال عدوانيون حينما يشعرون بتهديد مراكزهم الاجتماعية في هذه الأسرة.. يخشى ألا يكون رجلًا في منزله فيتحول طلبه لأمر، والأوامر واجهت الرفض في طريقها..

المرأة تربي الأبناء والأولاد المهمة الأكثر مشقة والوظيفة الأكثر حساسية في الوجود، انشاء جيل سوي نفسيًا، واعٍ أخلاقيًا وفكريًا، الرجل يعمل كالوقود لهذه الآلة، آلة انتاج جيل.. وظيفته تأمين مسيرة حياة طبيعية المؤن جاهزة طعام شراب ملبس وصوت قوة إن احتجناه.. ومن المفترض أن يأخذ المهمة الأكبر على عاتقه، دعم تلك الأسرة شعوريًا.. الأم لن تستطيع انهاء مهمتها إن لم تجد الزوج في ظهره عمودٌ فقريٍ يسندها ويقويها.. اسرة بتلك المواصفات مبنية على الحبِ والمودة، لكن ما رأيك إن كانوا يدخلون البيوت ازواجًا على هيئة معركة الجميع متأهب بكل ما يملك لفسخ عقد القران هذا وكأن الزواج يتمحور حول ورقة.. 

الورقة في بعض البلاد مهمة، الزوجة تخشى الطلاق فتجعله يكتبها الزوج يخشى النشوز وتسبب الإرهاق فيكون رعبه أن يكتبها، هي معركة في النهاية من سيستطيع كسر الآخر وتدميره اولًا من سيكون القانون بجانبه.. من سيربح الصفقة؟ السؤال الذي يدور في اذهانهم مذ يدخل الرجل منزل فتاته قائلًا أيا عماه أتيتكم طالبًا يد ابنتكم...

لكن لِمَا يجب على الزوجة طاعة زوجها؟ كلاهما يشكلان هذا المنزل وليس هو فقط.. لِماذا يمنعني من العمل يريد هدمي وتحطيم شخصيتي فإن طلقني لا أعول على شيء! ولِمَ افترضتِ تهديد الخطر بالطلاق! هكذا أنتم جميعًا.. هذا ما نريده نحن..

تلك الجملة تكفي لأن تشن حربًا، حين بدأت حملات تحرير المرأة كان معروف من سوط من يجب أن تُحرَر، لم تكن تُعامل كإنسان حقيقة كونها خادمة كليًا مستحل دمها مهددة بالموت في أي لحظة كانت حقيقة منطقية حتى لها..

لذا حين نادوا بالتحرر تحرروا من تلك المعضلة تحررت من فكرة أنها ليست انسان مثلهم، أصبحت مرأة كاملة الأركان يمكنها العمل، وكان هذا وسام بمثابة اعتراف من المجتمع بها، وبالطبع للرأس مالية رؤية مختلفة.. لكن إلى هنا الأمور جيدة وبديهية..

مازال البيت ثابتًا..

ذكروا المرأة أن لها حقوق وجب الدفاع عنها.. لكن مهلًا لحظة هي بالفعل تقم بدورها وتأخذ حقوقها الطبيعية! لا وجب أن تقتلع حقوقها من أعين مانحيها، ووجب ادعاء حقوقًا واكتسابها، المرأة رجل.. ماذا!

هنا فقط بدأت اللعبة..

أن تقارن المرأة نفسها بكيف يكون الرجل، أن تضع الرجل مستوى وجب عليها أن تصل إليه لتفوز في معركتها وليست هنا المشكلة كلها، تزاحمه بيولوجيًا أيضًا..

لكن تحتاج إلى دعم من نوعٍ ما! الأمر بسيط، قلل عمل الرجال أجعلوا المنافسة منصفة، اقبلوا الكثير من النساء في القطاعات الخاصة، الأعمال الحرة تنتهي وتتعرقل بمتغيرات أمور الدولة السياسة، القطاعات أكثر ضمانًا وأجعلوها في إطار العبودية.. فقط توفر ما يوفره العبد لسيده اساسيات العيش..

تخيل، الكثير من الرجال لا يجدون عملًا والنساء في المنزل هم من يعملن، والنساء التي لا تعمل تظن أنها وحدها تكفي لأن تحمل منزل!

تم تهميش الرجل بنجاح تم الفتك بكينونة وجودها أصبحت حربًا بين الجنسين حربًا حقيقية، فيها دائمًا يهتفون بجملتين (أنا الرجل) (أنا امرأة = رجل) القاعدة العامة خاصتنا لن تحتاج أن تنادي بشيء تراه من داخلك حقيقيًا..

تلك القاعدة يتم تطبيقها على بديهيات الأمور فقط بالطبع.. 

لدينا طفل يبلغ من العمر عامين أمه تكد عناء أن تكسب الأموال والرجل كذلك، كلاهما عبدًا لسيدٍ واحد يختلف أسمه من شخصًا لآخر، من سيعمل حقًا من أجل شيئًا أرقى، من أجل الأسرة، من سيعتني بالمستقبل؟ سيرحل كلاهما والطفل يكبر اسوء مما سبق لم يجد من يعتني به هم فقط وفروا غذاء جسده ماذا عن عقله ونفسه! لا نراهما فلا نعترف بوجودهما! قالها ثم ضحك وأكمل بعدها..

حينما يظن المرء أنه يستطيع الحياة بدون عمل أول ما يفعله هو تقديم استقالته، حين تظن المرأة أنها تستطيع الحياة بدون زوج، مع اول مشكلة تطالب بالتخلي عنه، مرحى بغنائم الحرب أخيرًا، اسر فلسفتها الوحيدة هو تفريغ طاقتهما الجنسية..

قدروا المرأة بالكثير من المال، لكن ما يُقدَر بالمال وإن كثر المال فتقل قيمته فمازال في النهاية له ثمن.. واكتبوا اوراقًا على المشتري فحين أراد إعادة أمته، يدفع غرامة، فإما أن يكسرها في وكره أو يقتلها ويقتل معها مستقبله أو يدفع شرطه الجزائي، لكن يبقا السؤال هنا، إن كان سيدفع كل هذا مقابل فتاة ليست مسؤولة عن تولي أمور بيته او الاعتناء به او الطبخ وغيره، وغير مسؤولة عن ارضاع ابنه ولا تربيته لها حياتها لا يجب عليه كما تدعي هي تخريبها لما يدفع كل هذا، لم يقل أحد أنها ستكرس حياتها له.. قلنا تكرس حياتها للعائلة كما يفعل هو بالضبط.. فلِمَا يدفع كل هذا إن كان ليس هذا ما سيأخذه؟

سأخبرك.. إن ذهب لبائعة هوى سيحاربه القانون ويحكم عليه بعقوبة فهو هنا يشتري ترخيصًا لفتاته حتى لا يسأله أحدًا عما يفعله...

شاء الجميع أو أنكر أن هذا ما آلت وتؤل له الأمور هي الحقيقة، لقد وصل الحد بالشيء الأسمى في الكون (تأسيس عائلة) إلى فكرة حقيرة وهي ترخيص عاهرة...

نحن نتغذى على المجتمعات الهالكة فعائلة كالتي صنعنا هالكة مفككة سهل التلاعب بها وحكمها والتحكم بها لذا وجب على جميع العائلات أن تكون مشابهة... حتى الأغنياء لم يُستثنوا من هذه القاعدة، في العرش الفارغ أنت أرقى من كل تعاملات الأموال منزلة.. الأموال... يا لها من قصة مثيرة اسمعت يومًا عن إله العملة النقدية؟  

#رواية_حضارة_الشيطان

#الكاتب_الرمادي

الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم