وجدتُ سعادتي

نص جديد للكراش بمناسبة عيد ميلادها

أين ذهب القمر يا ترى... لِمَ لا أرى النجوم!

عظيم... ها قد قذفتني الأمواج أخيرًا من هذا البحر الهائج، ماذا! قذفتني لمنتصف صحراءٍ قاحلة، لا يهم ما دمتُ... اللعنة مازلت هناك نفس الغيوم.. لا منطق فيما يحدث أعرف هذا، لكن على ما يبدوا أن آلية عمل الأمور هنا تتمحور كلها حول تيهي وعذابي والمزيد لنفسي من الحسرة...

مرّت عدة سنوات كلها نفس الحال.. لكن الآن... دعني أرتب الأمور.

ظلام... سلام... هيام... بوصلة... وجدت وجهتي... حياتي الآن أفضل... دعني أشرح لك:

كان ظلمي لحالي بلغ أشده، وإيذاء النفسِ سهل القيام، وطريق الرب لم يصادف طريقي يومًا؛ فقد كنتُ أرى الدنيا حلالٌ لا حرام فيها يبدوا حرام، كنتُ أبحث عن نفسي دائمًا، لذا كنت تائهًا، حائرًا على الدوام، تارة من أمواج الحياةِ المتضاربة، وأخرى من صحاري النفس الموحشة، وكلا الشعورين كان يلازماني التزام.

جروحٍ في قلبي من كل جانب، ولا وقتٍ لجرح للالتئام، ونفسي الخزية كلما قومتها وجدتها كجسدٍ مطحون العظام، وكأن جسدي الهزيل بات عاريًا متخبطًا ينظرُ للعمرِ قاصدًا اتزان "مضى على حالي الكثير هكذا أفلا تكسني؟" فنادى الحياة تكسيه السقام.

آيا بسمةٍ كانت على شفاهي في صغرٍ ثم غابت، ألم تشتاقي لي حين بلغوكِ سلامي، فأنتِ مراد شبابي في دنيتي وأنتِ الوحيدة مقصدي ومرامِ، فلِمَ أصبحتِ كحوريةٍ خياليةٍ لم أرها يومًا وانا كطفلٍ أدعوا لقياها في منامي.. أرى الحياة عليَّ ثقيلةً فأشتاق إلى وسادتي، لأنسج عليها بدمعي أحلامي..

أسعى في الأرض كثيرًا سعي المجاهدين، ولا أجد من نفسي سوى الملام، لم أكن أعيرها انتباهي يومًا، ولم تكن هي تصغي لكلامي، خالفتُ روتيني وأنصتُ لها.. فسمعتها تقول: أنظر حولك تجد في روح الملاكُ سلامي، أنظر إلى الأرضِ تجد قمرك منيرٌ صوب عينيك فليس لك في السماءِ أقمار.. تجدها تصيب المضنيات بأسهمٍ وفي إسعادك لا تنفذ منها السهامِ..

جميلةٌ قلبًا وقالبًا، وروحنا بروحها في وئامِ، أقترب منها ليحيا قلبك فهي لك من خير الأنامِ، هذه هي ما نصبوا إليه، وما سندعو بها على الدوامِ، يا رب هذه جميلتي، أريدها معي حتى الختامِ، أقترب منها وأشفي جروحك وطيبها، فهي تجسد الخزّام..

سمعتُ نفسي واقتربتُ منها فَشَفَت قلبي من كل سام، أتى غروري وقال لي: إن مشاعري ملك يدي، ومعها خرجت مشاعري ولم تعد في زمامي، قلبي المتحجر بات ينبض، وفي كل مكانٍ أجدُ سعادتي، وبسمتي التي اشتقت لها، أتت مع وقعي في الغرام، أدمنتُ سماع صوتها ضحكاتها وكثرة الكلام، نظرتها وحديثها، مع قلبي كل شيءٍ في انسجام..

فمن فضلك يا رفيقتي روحي، كوني معي ولا ترحلي، فلا أريد أن أعود كالجهام، كوني معي دائمًا وأبدًا، ولا تتركيني في اضطرام.

#وجدتُ_سعادتي

#الكاتب_الرمادي



الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم