قال العجوز

 انتهت الحفلة... انتهت الحفلة ولم نجد مُصفِق ... قالوا عجوز أمي، البعض يلقبني بالمختل والاخر يدّعي اني مجزوم و اخر ثالث يقول أني أتقمص حالات الهرطقة، ذو كلمات غير متزنة، وصاحب أمراض نفسية مزمنة، وحالة صحية معدمة وهذا يقول و ذاك قال لم يدخل أحد تلك الحانة وخرج دون أن يرفع أصابع الاتهام اللعينة تجاهي ويعد القضايا و يرتب و يزين كلماته في المحاكمة و يتحدث بثقة وكأنه صادق، وكأن شيء مما قاله غير مُلَفق.

الغريب أن دائمًا، أقنعة الزيف تتحدث بشكل صادق، ما أرتدى أحد ثوب الاستنساخ و التقمص، ليستر عورة نقصه وأخفق، كتلك العجوز هجرها زوجها و طردها ابنها من المنزل الى اخره من تلك القصص التي لا يبالي لها أحد، ليس لأن القصة مزيفة مثلًا كل ما في الأمر أنهم منشغلين، الجميع يهتم بما هو أدنى، ستجدهم منصتين فقط لقصص لاعبة الخفة ومعزوفات اللسان وبالطبع نافورة الدمع المُدْفَق. 

كما ترى، جميعنا هنا مُصابون بنفس المتلازمة، متلازمة ستوكهولم، لذا لا تتعجب حين ترى أحدنا ساخط على الرب، قائلًا لما فعلت هذا بي يا رب، سلبتني الحلم، أي حلم، أنت أجبني أي حلم، الأمثالك أحلام حتى تُسلب، نعم أعلم أن للجميع حلمه الخاص مهما وصلت درجة حماقته، لكن لما لا تفكر بأن حلمك الوحيد لم تره من البداية أصلًا، لم تفكر أن قطعة ثلجك المقدسة ذابت بسببك، أنت من حرم الثلاجة من الكهرباء، ولتكون عبقري في نظر عقلك عرضت قطعتك الثلجية المقدسة، التي تسخط على خالقك أنها تبخرت، عرضتها لضوء الشمس مباشرةً، لا تلم الآخرين على غبائك يا سخيف، كل شيء خُلِق بقدر.

حبل العدالة يشد رِقابنا... هه اللعنة استنشقنا اليأس قبلها، كنا نظنه عقاب، كنا نظنه غضب من الإله، لهذا نموت أحياءً ولم نجد مُشْفِق، لم نكن نعلم أن اليأس سيفيدنا في موقف كهذا، في مواقف عصيبة كتلك، سينجينا، لم نكن نعلم أن خيط النجاة الوحيد بيدنا، ولا نهتم كيف هو بيدنا، أمفتاح باب هو أم قيد يقيدنا، وكيف حصلنا عليه، لن نهتم، لن نذكر أصلًا.

 النشوة، هي الشعور الوحيد القادر على تضميد كل ندبة في ماضيك، تجعلك كالأبله، و ما يزيدك حماقة أنك سعيدًا بذلك، فبعد حالة الاعتداء التي تعرضت أفكارنا لها لا أظن أننا سنشعر، لن نتهتم، لن نأبه تنحر رِقابنا بظلم، او بالعدالة نختنق، عُمينا.

ملئوا رؤوسنا بأفكار خيالية، تمنى بأن يكونوا مثلهم، شباك من اليد ليزر من العين، وعدالة دائمة تتحقق، فأكتفينا بما تتلذذ به أعيننا، ولم نهتم لجراح منها الظلمات تتدفق، ولا لبيوت أهلكها البارود، ولا لنساء بات شرفهن عرضةً لكل حي يرزق، لم نهتم.

ماذا لو كنت ذاك الرجل العنكبوت، سأكتفي بأن أكون الوطواط، أحلام كثيرة لأشباه رجال، وطباعهم أخذت شطر المرأة المطاط، لن تكون ذا قوة خارقة ولا لن تكون، عصبوا قلوبنا عما يحيطنا فزاغ البصر، ويا حصرتها على دماء تتفجر من العيون.

قامت الحرب ولم نرى البارود يقذفنا، إذًا نحن أمنين، وفي الحقيقة أهلكنا منذ قرون، أخوانا في القرية المجاورة، يعدّون معركة حطين، وذوي الشوارب للحملة الصليبية مصفقون.

بدأت الحفلة، رقصت شياطين الأرض السفلى، خصومنا نائمون، هلموا بمدافعك قبل أن يستفيقوا، صرخ جني، لا يهم، فهم إن استيقظوا لا يدخلوا معارك فهم منشغلين بكونهم راقصين.

شرذمة نعاج بطبعهم ساخطين على الرب، ملئهم الجبن حتى احترفوا زراعته في قلوب الآخرين، سرقوا من جارانا كيلة قمح، وجارانا تسامح، فبئس لهذا النوع من المتسامحين، تكاثروا فتمادوا فأصبح النهب مهنتهم، وإن عارضتهم فأنت المسلوب، وأنت السالب لحقوقهم، لفجرهم فسيطالبونك، بما عارضتهم في عملية سلبهم، والأخوة بجوارك يرون مساندتك عورةً، وقد أمرهم الله بغض أبصارهم، فألف بئس وألف تعس لهذا النوع من المتقين.

سمع بعضهم هيا للجهاد دافعوا عن أخواتكم المنهوبين، فهبوا جميعًا تجاه أسلحتهم، دقوا الطبول، وباتوا راقصين، سلاحهم سبًا باللسان وقلوبهم ترتعد خوفًا وشجاعتهم أقل عُمرًا من الجنين، لا حاجة لرقصكم يا أخوتي، فقد وعدني الله بنصر قريب، ووعد الله حقً ولو كان أجله بعيد، وما لمُبتلى بأخوة مثلكم، إلا الدعاء وان يكون من الصابرين، وأرضي المسلوبةَ لن أتركها، وسأنتظر وعد الله بأخوةً، إن أنفجر البركان في وجوههم ابتسموا ساخرين، ووقفوا في وجوه النيازك صامدين، رجال رقصهم على جثث الأعداء جهادٌ، ولحنهم المفضل، اللهُ أكبر، وإن بإذنهِ لمُنتصرين

#يقول_العجوز3

#الكاتب_الرمادي

#عزالدين_مجدي

الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم