جحيم الحب

 دائمًا ما كنتُ اتسائل..

كثيرًا ما سئلتُ نفسي عن الحب، هل جماله يكمن فيه، أم في توقيت الوقوع فيه؟
كنتُ مراهقًا صغيرًا بلغ من العُمري 16 حولًا، وهنا أقصد حولًا لأكون دقيق، ليس عام ولا سنة، حولًا.. سُنةُ الحياة، فمن البديهي حتى للرضع أن تكون الحياة رمادية، يومًا أسودًا، وآخر أبيضًا، وهنا أتحدثُ عن أحداثه، وليس عن الدهر نفسه، أنا لست غبيًا لأجعل بعض المتغيرات في أحداثياتي في أحد أبعاد الزمكان الرديئة تتحكم بمشاعري لدرجة أن تجعلي أسب اليوم، أسب الدهر، أكفر..
أخبرك بهذا، لتضع في حسبانك أني لستُ مجرد مراهقًا أحمق، عقلي أكبر من ذلك، أنا استوعب ما يدور من حولي ومجريات الأمور بدأت تنحدر ولا يبدو أن مؤشرات السعادة سترتفعُ قريبًا.. لي أمدٌ طويلٌ وأنا أنتظر ولم يحدث شيء.. لذا دعنا نتوغلُ في صلب الموضوع ..اللعين...
كثيرًا ما قرأت عن الحب وكم هو جميل، قرأت عن الفلاسفة والمفكرين، البعض وصفه بأنه الفردوس على الأرض، والبعض قال لن أبالغ مثلهم هو قطعةً من الجنة، حتى أن هناك دراسات أثبتت أنه يقلل من النوبات القلبية ويطيل الأعمار من منظور علمي، بعيدًا البيسيكوفلسفة وحروبها المشينة...
كنتُ أتطلع كثيرًا للوقوع فيه، أبحث عن من أنتشلها من بين هذا العالم القذر لتكون لي، لكن يشاء أن يهاديني القدر وكنتُ لها.. سقطتُ في الحبِ فجأة، وقلتُ سقطتُ ولم أقل أقع.. فالسقوط سريع، مصحوبٍ بإرتطام مدوي كلما ذادت سرعته.. كما هو الحال في الحب.. كانت جميلةً جدًا روحيًا، لم انظر لجسدها لأتفحصه يومًا ما، كثيرًا ما كنتُ مهذبًا، كثيرًا ما شهدتها بجواري نخطوا على سجادة حمراء في موكبٍ وكأننا أميرًا وأميرةً وهذا زفافنا، لكن ولعلة ما، لم أفهم لِمَ أو كيف، أختفت، لا أذكر أي مِنَّا مُخطئ بالضبط ولا ما الخطأ؛ تلك أمورٍ تافهة، فالمهم هنا والآن أني اشعر بكثيرٍ من الألم، وهذا هو عين القصيد أتت مثلما رحلت، وكأن القدر هنا كان يجيب عن تساؤلاتي بشأن الحب والحزن، النشوة والألم...
أدركتُ أخيرًا أن الأمر لا يتعلق بالحب، الألم لا يتعلق بالفراق، الأمر يتعلق بالتوقيت، حين يخذلك الجميع وتكون وحيدًا لا أحد يعلم بحياتك ولا أحد يأبه، ثم تأتي هي لتغير طلاء حياتك الأسود، وأن تطلي حياتك التي لا لون فيها بألوان ممتلئتًا بالبهجة، هنا تقع في صلب الحب مباشرةً، كل هذا الكم من الإمتنان والعطاء المتبادلُ بيننا، كان بفضل التوقيتِ اللعين..
ومثلما أتت، رحلت فجأة، وفي نفس التوقيت اللعين، وبنفس لعنته، أتتني في وقت حاجة لتُذيقني كيف يكون الحُب أدمان لمن يسبح في بحاره في أبهى صوره، وسحبت روحي في ذهبها في وقت نشوة لتذيقني كيف يكون ألم الرحيل في أبشع صوره..
(صدقوني هو لم يقفز، كل ما في الأمر أن من أحبها سحبت روحه في ذهابها، وقد خال له انها أسفل ذلك البرج الذي يقف عليه، فألقى بجسده عليها ليُلصق روحه بجسده مجددًا)
#الكاتب_الرمادي


الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم