كاذبون.. جميعكم

 كاذبون.. جميعكم

لقد كذبوا عليَّ، نعم أنت كذلك كذبوا عليك يا من تقرأ وستكذب ايضًا على من بعدك ونفس الكذبة بعينها.. ذاكر وسترتاح، أعمل وسترتاح تزوج وسترتاح، فالتعدم وأنت حي، اسحق واركض نحو اللاشيء ولتذهب أحلامك للجحيم، واصفح لمن أكل لحمك نيء ولتشاهد احلامك تهلك وهي ذاهبة مع ادراج الرياح..

... حين أكبر سأصبحُ طيارًا.. هه ههههههه طيارًا أنا على وشك أن أطير الآن سأطير محلقًا بحلمي، لكن اريد أن أتحدث قليلًا ولا أعلم فيما اتحدث، الكلام في ذهني كثير ولكن.. لساني عالق شيئًا ما..

هه حين كنتُ صغيرًا قال لي أبي إن نجحتَ في صفك سأشتري لك دراجة، وعلى ما أعتقد نفس تلك الدراجة التي وعدك بها ابيك، ربما وعدك ابيك بحاسوب ربما، لا يهم إختلفت أمانينا وما حصلنا عليه واحدُ، حصلنا جميعًا على (لا شيء) ويبقى السؤال هو لماذا لم يشتري لي الدراجة اللعينة، لِمَ وعدني بها من الأساس؟

الغريب أن حلم الدراجة كبر معي حتى السادسة والغريب أن وعده كبر معي حتى ما عدتُ اصدقه، حسنًا لأكون دقيقًا لم تكن الدراجة فقط، لقد جعلني أتعلق في حبال سعادةٍ تالفة حين طلب مني احضار حذائي وسيصطحبني معه، تعلمون ما حدث بالطبع، مرّت الأيام ومرّ عقدًا طويلًا وأنا اسأل نفسي لِمَ أمتنع عن تنفيذ وعده لي في صغري، حين كبرت صدمني قطار، كان يسمونه بـ"قطار الحقيقة" ذلك الذي يدهس كل من يصطدم به.

حين اصطدم بي أخبرني بكل كذباتهم وتبريراتها، كذبوا فأعطوني ثلاث، وسلبوا مقابلها دافع حياتي.. لم يشتري الدراجة لأنه لم يمتلك ثمنها.. لكنها أعطاني الأمل الزائف والحلم التالف ودافعٍ لطموحٍ مخالف..

كنتُ آمل أن أحصل على دراجتي اللعينة، وحصلت على عدم تصديقهم في شيء ربوني على أن الكذب يحقق ما تمنيته، فبتُ أكذب على الجميع، وكنتُ أحصل على ما أريد حتى فقدتُ منهم ما فقدوه مني، فقدتُ منهم أن يصدقوني في حقيقة اقوالي، وفقدوا مني أن أصدق زيف وعودهم.. حقيقتهم مزيفة.

وعدني بالدراجة طالبًا مني النجاح، كان حلمي أن أنجح لأحصل على دراجتي، وحين كبرتُ لأحصل على مقابل عنائي مقابل كفاحي.. نجاحي.. دراجتي الصغيرة.. كذبوا عليَّ ما كان يملك والدي ثمن الدراجة وما كان يملك القدر صلاحية إسعادي.. كلاهم خلف وعده.. حصلتُ على عملٍ ربما، أذكر أن هناك شخصًا ما يُسمونه الك... الو.. الوزير نعم الوزير أذكر أنه اتصل بي ليهنئني على تفوقي لكن لن آكل تهنئة يا صديقي أريد عملًا أحصل من خلاله على ما يساعدني في تكوين نفسي.. وهذه الحقيقة جعلتني اصطدم بالثالثة طموحٍ مخالف...

كان طموحي أن اصبح طيار، لكن ولِعلةً ما رُفضت، لم يقبلوني في الجامعة لا أذكر حين أتت اختباراتي قالوا أني غير لائق، كانوا بحاجة لشخصًا أكثر مني تميزًا كذلك الواقف صوب عيناي يحتفل، كان لائقًا بكليتهم أكثر مني، نعم فهذا ما تحتاجه تلك المهنة العريقة.. رجلًا أحول العينين ثقيل اللسان بطيء الفهم والده صحاب سلطة.. حلمي طيار، واقعي أني ابن مزارع مسكين، حلمي مخالفًا لحقيقتي فعلى من أكذب.. كذبوا عليَّ وما عدتُ أحتمل.

كيف لي أن أحتمل حقيقة أني أهلكتُ نفسي كل هذه الأعوام أحلم متجاهلًا أن واقعي كابوس، لِمَ لم يخبروني بالحقيقة اللعينة فحسب..

الراحة.. ههههههههههههههههههههههههه وهذا هو الشطر المثير للشفقة في قصتي، كانوا يسبطون ورم أفكاري وهلاوس الحقيقة الدخيلة على حلمي اللعين بأني سأرتاح، إنجح بني تحتاج أن تتخطى تلك المرحلة لترتاح، تحتاج فقط لأن تعمل حتى ترتاح، الزواج جنة الدنيا تزوج وسترتاح، عمرُ رجلًا تخطى الخمسون مات، فقال أنه الآن ارتاح، هو في مكانٍ أفضل!

حسنًا لا اريد الإنتظار ليشيب رأسي ويثقل سمعي وتبطأ حركتي أنا ابن العقد الثالث الآن، وأظن أن من حقي أيضًا ذلك المكان الأفضل... لذا فقط وددتُ أخباركم، استفيقوا، لا راحةً في الدنيا.. الرب يملك الراحة كلها... إن لم تكونوا مؤهلين على أن تصدّقوا وتصادقوا ابنائكم فلا تتزوجوا العالم اكتفى من الغير سويين نفسين المتخذين لتلك الخطوة.. أما أنا فلن أذنب هذا الذنب في حق الإنسانية لا أملك الوقت حتى.. حلق حلمي للسماء وسأحلق بجسدي.. أعلم أن جسدي سيرتطم بالأرض لكن هذا عين القصيد فهكذا ساكون ضغطتُ زر المحرك لتحلق روحي لأعلى سماء.

#الكاتب_الرمادي


الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم