أنت الآن في مستقبل الأحداث حيث يبدأ العرض بعجوز
في حانة جالسًا في الزقاق، لم يتغير وجهه منذ أن تم أنشاء تلك بلدة تلك الحانة على
وضعها الحالي ولم تزره التجاعيد أبدًا.. لكن عمره بلغ الكثير.. والحزن في عينيه
أكثر، بالنظر لعينيه ربما ستشعر بالرعب من تلك الظلمة القاتمة في قلبه، سودا
حالكةٍ تمامًا، كان بإمكاني أن أقول لك لا بصيص نور بالداخل مثلًا، لكن في
الحقيقة، لا يوجد شيء إطلاقًا ذلك القلب لا يفعل سوى النبض وضخ السواد.. وأعني
السواد حرفيًا، حتى أني تعجبت كيف لم يتم الفتك بذلك القلب من هول ما يحمله إلى
الآن...
دخل بعض المشاغبون الحانة مثيرين الشغب ليعكروا صفوا الحضور وبالطبع استعراض
عصبتهم وكم هم بلا بلا بلا كثير من التراهات، تحدث أحدهم بوقاحة وسكب الآخر النبيذ
في وجه النادل، بينما نظر لهم ذلك الرجل نظرةً لم تظهر منذ زمن، لكن النادل قال له
بعينيه "لا عليك"
قال أحد هؤلاء الفتية: مالكم تنظرون لنا وكأنكم تريدون قتلنا
ضغط النادل على قبضة يده وأكمل بإبتسمة صغيرة: لا سيدي، لن نجرأ على ذلك، من فضلكم
استرخوا قليلًا
فرد أحد الفتية قائلًا: أحسنتَ قولًا أيها الداعر، كنت انتظر قساوةً في لهجتك
لقتلك
هنا... لم يتمالك ذاك العجوز الشاب نفسه وضحك.. لا لا بل ضحك بهيستيرية مفرطة..
غضب الشباب منه وقالوا ما الذي يضحكك يا هذا، كاد يتحدث لكن النادل أخبرهم، أن
لديه مرضًا نادر، كلما أشتد بهِ الحزن ضحك بصوتٍ عالٍ
رد الفتى بشيء من الرهبة بداخله قاصدًا الانسحاب شيئًا ما: شاهدت شيئًا كهذا في
أحد الأفلام، لا يهم.. وداعًا..
أخذ فتيته وذهب، بينما قال النادل لذلك العجوز، أراك تشتاق للماضي، كشوقي له
تمامًا تمنيت لو عدتُ لدقائق فقط...
= ما الماضي إلا فجوةً تبتلع السعادة في جوفها وكأنها حوتًا فتح فمه بجوار بعض
الأسماك الصغيرة، شعرتُ بما يُشابه شعورك فقط لكن ما أردته أنا حقًا الآن هو أن
أخلص مرارة عمرًا كاملًا في هؤلاء الفتية...
- هم أقل من إخراج ذلك الشيطان المكبوت بداخلي وذلك الظلام بداخلك هو ما يوقفنا
أجميعن، فوالله لو أطلقته على العالم لثانية، ما استطاع أحد كبحة إلا بقتلك، ولن
تموت إلا ومصطحب معك الأخضر واليابس أنا أعلم...
= لا أريد تكرار خسارتي مجددًا.. خسارتكم.. لكني أشتاق للدماء كثيرًا، أشتاق لل...
قاطع حديثهم دخول رجل تلك الحانة ليشرب مشروبه المعتاد، ونظر لذلك الرجل الجالس في
الزقاق ليسأل عن قصته في تعجب.. أجابه النادل: إن خلف هذا شخص عالمًا كاملًا تلاعب
ولعب بهِ كما يتم اللعب بالدمية...
- ماذا تقصد؟
=...
.........................
في أحد شوارع أمريكا العشوائية، قبل السيناريو السابق بما يقارب ثلاث عقود تقريبًا،
أعذروني إن اخطأتُ الحساب، فكرةُ كثرًا حتى ما عاد عقلي يعمل وما أخبركم به ليس
إلا قطعًا متبعثرة مما تبقى ولم يمحى فقط لأنه تعلق بها...
كان يركض مرتعبًا وخلفه ديمون مرتديًا قناعه يركض خلفه، وصل لنهايةٍ مسدودةٍ أخيرًا،
علم الشاب أن لا سبيل ولا نجاة له من هذا الأمر إلا إن هزمه أو قتله أولًا، أخرج
ديمون خنجره وبدأ تجاهه ببطء، بينما تتضيق عين الفتى تركيزًا، سدد ديمون نحوه ضربة
سريعة أصابت الفتى ولكن لم تقتله، بدأ الفتى هو الآخر في التحام مباشر مع ديمون
محاولًا منه نزع قناعه، نزع جزءً منه، ثم على ذهوله وهو يقول، "عز الدين؟"
لم يكمل كلمة واحدة، قبل أن يتلقى لكمة أطاحة به أرضًا، نهض ديمون، ثم أخرج
مسدسه.. زناد.. دوي أنفجار.. طلقه... بدأت الحفلة..
.....................
تأتي الكاميرا بفلترٍ قديم يروي لنا قصةً في الماضي، لم يروي الكثير إنما أقتبس
جملة واحدة حدثت منذ مدة طويلة...
تدخل الكاميرا في أطارِ شخصٍ متلصصٍ يقترب من أحد الغرف في سردابٍ كبيرٍ مبني تحت
الأرض، لأم تجلس مع طفلتها، كان بينهم حوارًا طويلًا.. على ما يبدو، لكن.. ما أهتم
المصور بهِ هو أن يُسمعنا تلك الجملةُ فقط "الأمر بدأ مع بداية ديمون، وزاد لما
راح أمريكا قبل ما نتجوز" وقد كانت ردًا
على سؤال طفلةً طرحته، بعد إسبوع طويل من الشعورِ بالخطر...
أعادت الكاميرا نفس الجملةِ مجددًا " الأمر بدأ مع بداية ديمون، وزاد لما
راح أمريكا قبل ما نتجوز" لتحدث فجوةٍ
في فمِ الأمِ وهي تنطقها مخترقةً البعد الرابع لهذا الكون بالتحديد حاجز الزمكان
لتلقي بنا بالعودة للخلف أعوامًا بلغ عددها عشرون وأكثر، تتجول في المدينةِ هائمةً
لا يدري أحدًا ماذا يريد، وبعد رحلةِ بحثٍ طويلةٍ أخيرًا، وجدت ضالتها المعتادة...
كان حوارًا سريعًا بين ديمون ومعشوقته من العالم الآخر "مارسلين" الذي
كان يقول فيه "المهم،
أنوي السفر قريبًا وبالطبع سترافقينني." [1]
لتقاطعه مارسلين قائلةً: دعني أكمل ولن أخبر أباك
بأي حركة تقوم بها هناك، وإن سأل أخبره أنها أوامرك، أو أخبره بما تريده أنت أن يعرف،
كما يحدث الآن..
-
نعم، لكن الأهم من ذلك، أن تمنعيني من فعلِ أي شيءٍ سيء؛ فسأُقيم هدنة مع نفسي لمدة
شهرين.
= جيد، تحتاج الأنفس
إلى بعض السكينة من حين إلى آخر.. أي شكل تريدني أن أتخذ؟
- كما أنتِ، بشرة
بيضاء بأعين زرقاء وشعر أصفر وجسد متوسط، الصورة الأولى التي رأيتك بها أول مرة
المهم دعنا نذهب بالزمن للأمام مدة قصيرة قليلًا من تاريخ حديث "عز الدين" مع "مارسلين" هم الآن في أمريكا تحديدًا منطقة عُشبية، بجوار ملعب جولف، وبحيرة صغيرة، المكان رائع لإعادة تهيئة النفس، أممم، لا شيء مثير هنا.. دعنا نتقدم عدة أيام.. نعم هنا تبدأ الإثارة تحديدًا ذلك القبو أسفل أحد الفنادق، يوجد عدة عناصر قليلًا ما تجتمع، كما نرى هنا، أحدهم يرتدي بدلة ذات لون بني، وخاتمًا كبيرًا مع قبعة كبيرة، مظهره كلاسيكًا جدًا، يُسمى "نيكولاس" وبجواره كثير من الحرس الضخام والمسلحين، ومعه يقف ديمون وصديقته الجميلة، التي تُسمى كما يلقبها أمامهم "فيونا" بدأ ديمون حديثه وقد أخرج سيجارٍ من جيبه وأشعله وهو يتحدث قائلًا: الم تجد مكانًا أنظف من هذا لتقابلني فيه "نيكولاس"!
أجابه "نيكولاس" ساخرًا: كان هناك مجرى مجاري بالجوار، لكن بدلتي كانت ستبتل..
ليجيبه ديمون ووجهه يرسم علاماتًا جادة: ما الأمر حقًا؟ ما كان لرجلًا مثلك أن يهدر وقتًا كهذا إن لم يكن الأمر يستحق..
ليجيبه نيكولاس بنفس الجدية قائلًا: ما الذي أتى بك لهنا
#ُتبع...
#الكاتب_الرمادي
إن أردت طلب الرواية ورقيًا يمكنك التواصل مع الكاتب عبر الواتساب عن طريق هذا الرقم
01096211740
أو عبر صفحته في الفيس بوك