أراه دائِمًا منفرد بذاتهِ، تعاملهُ مع الآخرين قد يكون منعدمًا، لا أعلم ما بهِ أو ما هو الشيء الذي أوصلهُ إلى تلك النقطة السوداء، التي ترغمه على العزلة الدائمة، ومرافقة الصمت والقهوة بدلًا من البشر.
في ذات يومٍ كنا ننتظر الطبيب من أجل محاضرة التشريح، وكعادتهُ يمُكْث بعيدًا عن الآخرين، إلى أن جاء العامل وقد أخبرنا بأن الطبيب حدث معه ظرفٍ طارق ولن يستطيع المجيء، الجميع رحل من المكان وهم تغمرهم السعادة، إلا هو! عجزت أمام إصراري الزائد في معرفة لِمَ هو هكذا؟ فـ قد أستطيع مساعدتهُ، ذهبت له وأنا أبتسم، ولكنه رد لي الابتسامة وبوجهٍ عابث بعض الشيء، لم أكترث إلى تلك النظرة وأردفت قائلًا: كيف حالك؟
- . . .
- لم أرى منه أي رد فقررت التحدث بمفردي، أريد التحدث معك وإفراغ ما بداخلي، أتعلم أنني أصمت مثلك في بعض الأحيان، وها قد لفت أنتباههُ شيء فقررت الاستكمال، لا تستغرب فكل شخص منا يحتاج إلى هذا كل فترة من الدهر . . .
- لا أحد يفهمني أو يكترث لوجودي أو ما أنا عليهِ.
- ومن قال هذا؟
- إن الأفعال أفضل من الحديث وتعبر عمَ يرغب بهِ المرء، وأفعالهم كانت قاسية؛ لذلك قومت بأختيار طريقٍ أفضل وهو: الصمت.
لقد أدركت ما هو سبب حزن ذلك الفتى أخيرًا؛ فهو يحتاج إلى من يتفهمهُ.
- تعلم أن كلمة أنا أفهمك تنقسم إلى ثلاثة أقسام وهُم:- أنا حقًا أفهمك؛ لأنني مررت بما أنت عليهِ، ولكن لم أريد أخبارك بهذا، أو لآن أثناء حديثكَ عقلي رسم كل هذا ولكن معي أنا ولم أتحمل هذا، أو أفهمك وأنا لستُ معك منذ البداية، فأنا من الأساس شارد الذهن وأقول هذا مثلما يقولون «بار وعتب» لا أكثر ولا أقل، هل فهمت الأن؟
- وأنت أي واحد منهُما؟
- لن يفرق ما هو تصنيفي؛ ولكن الأهم أنني من أول قسمين.
#لـأسماءعصمت