خرجوا مع بعض وكان أسامة قاعد جنب البواب اللي أخر يوم ليه إنهاردة، وقف البواب قدام عربيتها لتطلب منه أي طلب، سلمت إيناس عليه وركبت عربيتها، ركبت جنبها ذكري وخرجوا من باب الڤيلا
رجع البواب مكانه فسأله أسامة باستغراب
"عمي عزيز قالي إن البيه عنده بنت واحدة بس"
رد عليه البواب بضحك "اه فعلاً، البنت
المحجبة اللي جنبها الشغالة هنا، مسؤولة عن نضافة الڤيلا جوه"
إتصدم أسامة، قال وهو مذبهل "دي الشغالة،
يا نهار أبيض"
رد البواب بعد ما اتغيرت تعابير وشه
"بس دمها واقف ، لا بتضحك ولا بتتكلم مع حد ، وتحسها بنت بارمديلو مش شغالة هنا"
رد أسامة "ليها الحق والله، دي مهتمية
بنفسها أكتر من بنت البيه ذات نفسه" وضحك
في الكلية نزلت ذكري من العربية ونزلت بعدها
إيناس، إتجهوا للمدرج عشان المحاضرة، دخلوا وقعدوا جنب بعض وبدأ الدكتور في الشرح،
كانت إيناس منتبه للدكتور علي عكس ذكري اللي بدأت في التتاوب، طلعت ذكري ورقة بيضة
وبدات تشد خطوط وبعد عشر دقايق كانت راسمة الدكتور بشكل كوميدي
لكزت إيناس في كتفها وورتها الرسمة فكتمت إيناس
ضحكتها وقالت بهمس "هانطرد أنا وإنتي دلوقتي"
ردت ذكري بهمس "كرڤتة دي ولا رابطة جرجير" وضحكت، رجعت بصت لرسمتها وقالت "طب والله
أنا رسماه أحلي من الطبيعة، أنا عاملة كرشه نص دايرة وهو كرشه دايرة كاملة"
قالت إيناس "أسكتي بقي عشان مانتقفش" وإنتبهت مع الدكتور تاني، بصت ذكري حواليها
في محاولة إنها تلاقي حاجة تجذب إنتباهها بس مالقتش فغمضت عيونها وحاولت تسترخي
بعد كام دقيقة كانت شبه مسترخية بالفعل
كانت قاعدة قدام دكتور وهي بتلهث وبتسعل وحالتها
غريبة، لبسها مش مترتب ومش لابسة حجاب وشعرها فوضاوي، شابكة أصابعها ببعض وبتحركهم
بطريقة عشوائية في توتر بالغ، عيونها محمرة من العياط وشفايفها بترتعش
سألها الدكتور بإبتسامة محاولاً تقليل مخاوفها
"مالك بقي، إحكيلي كل اللي عندك"
رمقته ذكري بنظرات مخيفة ومتوترة، كانت بتتلفت
حواليها كأنها بتتأكد إن مافيش حد سامعهم، كانت هاتتكلم بس بدأت في العياط بشكل هستيري،
قام الدكتور من مكانه وراح ناحيتها وحاول يهديها
قال الدكتور وهو يربت علي كتفها "مالك!
حاسة بإيه"
جمعت ذكري شتات امورها وحاولت التكلم، قالت
ومازال الخوف يمتلكها "أنا ماعرفش مالي، فجاة مابقتش عارفة أتحكم في نفسي" ورجعت تعيط تاني
سأل الدكتور "حصل إيه عشان تقولي كدا"
قالت ذكري وبالكاد كلامها مسموع من كتر النحيب
"أنا فجاة لقتني بنتقم بصورة وحشة من الناس اللي بتأذيني، أي حد بيعمل فيا حاجة
وحشة بردهاله بطريقة إنتقامية، أنا بقيت وحشة"
بصتله بعيون ذابلة محمرة وسألته وهي بتشير
بإصبعها لنفسها "هو انا وحشة بجد"
سال الدكتور "ممكن تحكيلي كل حاجة بتحصل
بالتفصيل"
قامت ذكري من مكانها ووجهت نظراتها للدكتور،
مشت في أتجاهه وهي تقول بترجي "انا مش وحشة، انا مابعرفش أأذي حد، إنت مصدقني
صح! إنت اكيد مصدقني"
قال الدكتور وهو يبتلع لعابة "أه أكيد،
إنتِ شخص كويس، مين قال عليكي وحشة"
رجعت ذكري مكانها ودفنت راسها بين إيديها،
كانت تعصر راسها بكلتا يديها، قالت بصوت خافت "انا لازم أبعد عن عيلتي، أنا ممكن
أأذي حد فيهم من غير قصد، انا بحبهم ومش عايزة أأذيهم"
قام الدكتور من مكانه تاني وقال "إنتِ
بتحسي بيه وإنتي بتأذي حد فيهم؟" كان بيحاول يخليها تقول
اي حاجة تساعده في تشخصيها
قالت ذكري ومازال راسها مدفون بين إيديها
"بحس بصوت جوه دماغي بيامر جسمي وجسمي بيتحرك من غير إرادتي، بحس إني عاجزة عن
إني اوقف الصوت او أوقف جسمي، بكون واعية بس مش قادرة أعمل حاجة"
سأل الدكتور "والموضوع دا بدأ معاكي من
أمتي"
قالت ذكري بصوت أضعف "من فترة قريبة،
من صغري وانا شخص عدواني بس الموضوع زاد فجأة بعد موت أمي، كنت بقدر أتحكم في نفسي
الاول انما دلوقتي لا"
رجع الدكتور بسؤاله "وأذيتي مين قبل كدا"
حسّت ذكري إنها ممكن تدخل في مشكلة إذا قالت
موضوع الجنين وموضوت صاحبتها، فغيرت كلامها وقالت "مأذتش بس حاسة إني ممكن أأذي"
حاول يستدرجها في الكلام بس ماعرفش وفي النهاية
كتبلها شوية مهدئات ومتابعة وقالها إنها لسه في صدمة مش اكتر من موت أمها وإنها هاتخف
علي المهدئات دي
كانت مروحة البيت بس عكست أتجاهها وراحت بارتي
صغير كان إحتفال بالمولود الجديد لأخت واحدة صاحبتهم، كانت فاكرة إنها لما تكوت وسط
دوشة، عقلها هايتوقف عن التفكير شوية، راحت وسلمت علي صاحبتها ووقفت في البلكونة وكان
في إيدها كوباية عصير
جه صوت من وراها "شكلك مش عاجبني اليومين
دول" إلتفتت ذكري للصوت ف لقتها صاحبتها مريم
إبتسمتلها ورجعت بصت قدامها، وقفت جنبها مريم
وقالت "فين ذكري بتاعت زمان اللي كانت بتوقعنا كلنا من الضحك، يابنتي فكي بقي
وماتبقيش كئيبة كدا"
إتنهدت ذكري وبعدين قالت "ماحدش بيفضل
علي حاله"
قالت مريم "بس خلاص الحياة مش بتقف علي
حد، وانا واثقة إنك هاترجعي تضحكي تاني، مسيرك ياسيتي تحبي وتبقي ماشية عينك بتطلع
قلوب" وضحكت
بصت لذكري ف لقتها مش عطياها تركيز، فخبطتها
في دراعها بس بقوة شوية فإدلق العصير علي إيد ذكري، بصتلها ذكري بغضب فضحكت مريم وقالت
"حتي العصير مش راضي علي كلامي"
الموقف مش مستاهل بس جوه قلب ذكري كان في بركان
بيفور، كأنها ماصدقت حد ينكشها عشان تفتح خزائنها من الغضب والثوران، أطبقت علي فكيها
في غضب ورجعت بصت قدامها وهي بتحاول تهدي نفسها، ليه كل الضيق اللي في قلبها دا كانها
شايلة هم كل شخص مهموم، كأن قلبها مكبّل
عاودت مريم الكلام وقالت "يابنتي فكيها
لله، ولا نجيب كرم يفرحك"
بصتلها ذكري بطريقة محذرة فقالت مريم
"عارفة إنك مش بتحبي سيرته بس هو الوحيد اللي كان قادر يضحكك لما كلنا بنفشل،
علي فكرة هو جاب مجموع طب"
قالت ذكري محاولة تغيير الموضوع "ربنا
يوفقه"
سألت مريم في لؤم "لسه بتحبيه يا ذكري"
برزت العروق في وجه ذكري وقالت "ليه مصرة
تجيبي كل سيرة بكرهها، ليه مُصرة تضايقيني"
إستغربت مريم من رد فعلها فقالت مبررة عن حالها
"أنا بس كنت بحاول اتكلم معاكي وأسمعك، إحنا أصحاب، والأمر ماكنش مستاهل الطريقة
اللي إتكلمتي بيها دي، كل ما حد يحاول يتكلم معاكي تزعقي فيه كأننا اقل منك"
"سبيني وامشي" قالتها
ذكري بجمود وبعدين بصت قدامها، هي كانت فعلاً عايزاها تمشي عشان ماتعملش حاجة تندم
عليها
تملّك الغضب من مريم ورفعت سبابتها في وجه
ذكري وقالت "والله الواحد بقي بيشفق علي حالك، أفضلي اخسري كل اللي حواليكي كدا،
متستاهليش إن حد يكون جنبك أس..."
ماكملتش جملتها ولقت إيد ذكري محاوطة رقبتها
بكل قوة، بتبصلها بكل علامات الغضب والتجهم، كانت الحرارة بتطاير من وشها من شدة الغضب،
قالت "أنا مش وحشة عشان مستاهلش حد يحبني، أنا مش وحشة إنتِ سامعة" عادت
كلامها بصورة أكثر تحذيرًا وأكثر قسوة "أنا أستاهل يبقي في ناس جنبي ويحبوني وأحبهم،
ماجتش الدنيا عشان اتفرج علي كل علاقة ناجحة وأنا وحدي اللي بفشل في كل خطوة باخدها
مع حد، والعلاقة الوحيدة اللي نجحت ربنا حرمني منها بدري بدري، علاقتي ببابا فاشلة
، علاقتي بأخواتي فاشلة، علاقتي بأقرب حد ليا فشلت"
إنتبهت للي بتعمله لما حست بألم أثار الخربشة
علي إيدها، كانت مريم بتحاول تبعد إيدها عن رقبتها لما حست بإنها بالفعل بتتختق، زاد
إحمرار عين مريم تحت إيد ذكري فسابتها، بصت لإيدها وبعدين لمريم اللي كانت ساندة علي
جدار البلكونة وبتعيط
مالت عليها ذكري بفزع وقالت "أنا أسفة
ماكنتش أقصد، إنتِ كويسة! أنا والله ما كان قصدي"
شاورتلها مريم إنها بخير وبعدتها عندها، وقفت
ذكري ماعرفتش تعمل إيه فمشيت بخوف، ركبت عربيتها وإتجهت للڤيلا، وصلت ودخلت أوضتها
وقررت ترتب كل حاجتها وأوراقها عشان تبعد عن الناس اللي بتحبهم..... وتحميهم منها
"ذكري خلصنا قومي"
زقتها إيناس عشان تصحي، فقامت لقت زمايلها بيخرجوا من المدرج، فلبست شنطتها وخرجت مع
إيناس
قالت إيناس "يابختك عرفتي تنامي، الدكتور
رغاي اوي"
ردت ذكري بفتور "وياريتني ما نمت"
نفس الماضي بيعيد نفسه كل شوية في عقلها، تحلم
وتسرح فيه، كأنه بقي إجباري عليها تشوف نفسها وحشة وتتألم بماضيها كل شوية، كانت ذكري
بتتجه للعربية لما وقفتها إيناس وقالت "بصي أنا رايحة أقابل حمزة اللي حكتلك عنه،
هو مستنيني قدام الجامعة عشان هانخرج مع بعض شوية، خدي مفتاح العربية ولفي بيها شوية
وهاتصل عليكي لما أخلص تيجي تاخديني، تمام؟!"
لبست ذكري نضارتها وقالت وهي بتاخد منها المفاتيح
"تمام"
خرجت إيناس وبصت حواليها شوية ولقت حد بيلوح
ليها وبيقولها في الفون "تعالي علي الناحية التانية" عدت الطريق وراحتله،
إتمشوا شوية ودخلوا أول كافيه وصلوله
مسك حمزة إيدها وقال بإبتسامة "خلاص بقي
بالله عليكي ماتزعلي، ماتبوزيش كدا في اليوم اللي نخرج فيه"
مدت شفاتيها للامام وقالت بمراوغة "ماشي"
باس حمزة إيدها وقالها "فكي بقي ولا إنتِ
عايزة حاجة تانيه غير البوسة عشان تفكي"
شالت إيناس إيدها وقالتله "إنت شخص قليل
الأدب والله"
ضحك حمزة علي إحمرار خدها وقال "مش قلة
أدب بس أمتي بقي ، نسأل الله التساهيل ، أبوكي قلبه ملانش"
ردت إيناس "أنا في نظرة لسه طفلة، بيقولي
لما أكمل ٢٥ سنة، دا لو حاطط بيضة كل المدة دي هاتفقس لوحدها"
رد حمزة "إيه رأيك أخطفك وأغتصبك ونحطه
قدام الأمر الواقع، وساعتها مش هايقدر يرفضني"
قالت إيناس "يعني عشان نتجوز ونعيش في
سعادة نجلط الراجل ونعيشه في عار، لا فكرة غلط، طب إيه رأيك تخطفني ونمثل إنك إغتصبتني"
رد حمزة "لا أنا مش ضامن نفسي اوي الصراحة،
أن جيتي للحق أنا مش محترم"
حكت إيناس دقنها وقالت "عارفة ، هابقي
أفكر في فكرة تانية"
بص حمزة لعيونها وسكت، فضل باصصلها لفترة فإنتبهت
وقالتله "في إيه ، بتبصلي كدا ليه" وأعتلي وشها الكسوف
قال حمزة وهو لسه باصص في عيونها "تعرفي
إنك غبية وهبله وطيبة وساذجة وماتنفعيش في عالمنا الوحش دا!"
كانت لسه هاتقوله أنا غبية! بس كمل كلامه وقال
"إنتِ خسارة في أي حد حتي فيا، وأنا مش هاسيبك حتي لو أبوكي قعدك جنبه عشرين سنة
كمان"
إحمرّت وجنتيها ف مال عليها وهمس في ودنها
"إنتِ خسارة فيا وعارف إني ماستحقكيش ، بس أنا طماع، بحبك"
تسسلت الحرارة في وجهها، بلعت لعابها وأحنت
راسها للأرض، طلع محفظته وودفع حساب العصير اللي لسه ماشربهوش ومسك إيدها وخرجوا
قالت إيناس بإستغراب "رايحين فين !"
شدها من إيدها وقال "فرحان بيكي والفرحان
بالحاجة مش بيخبيها، فتعالي نتمشي"
كانت إيناس عارفة فعلاً إن حمزة بيحبها ، هو
معاها شبه الطفل، مستعد يعمل أي حاجة عشانها ، تعبوا من المشي ف قعدوا في مكان إنتظار
إتوبيسات علي إحدي المدرجات
طلع حمزة محفظته وقال لإيناس "هما كانوا
المفروض خمستلاف ونص ، خدي أربعة ونص أهي عشان انا كدا خليت معايا مصاريفي طول الشهر"
قالت إيناس "علي فكرة أنا حسبتهم من فترة
لقيت إن إحنا جمعنا مبلغ كويس ، هانشتري الشقة بإذن الله"
قال حمزة بضيق "أنا لسه قدامي بتاع تلت
سنين تاني عشان أشتري حاجة تليق بمقامك في عيني وعين أبوكي ، حاسس إن بعد كل التعب
دا بباكي هيرفضني"
قالت إيناس وهي تربت علي كتفه "إنت عارف
إني مش هاسيبك ، وأنا كمان بحوش معاك مصروفي"
إتغيرت ملامحه و رد عليها "أنا قولتلك
كذا مرة ماتحطيش فلوسك علي فلوسي ، أنا بحوش ليكي مش بحوش معاكي عشان تحطي فلوس تخصك"
قالت إيناس "إحنا بنحوش عشانا إحنا الإتنين
مش عشاني لوحدي، وبعدين أضحك إحنا عملنا إنجاز ، هو أنا كنت عارفة ألمك وألم مصاريفك
اللي عمال تبعزقها هنا وهنا"
ضحك حمزة وقال "أه والله، أهو الحب بيجبر
الواحد يتنازل، أنا بقيت ماشي ألم والجنيه بيطلع بحساب....عشانك"
إبتسمت إيناس بخجل وساد بينهم السكوت ، مامرتش
دقيقتين ولقت حمزة حاضنها ومتبت فيها جامد ، دفن راسه بين كتفها وراسها وقال "إنتِ
مش هاتسبيني صح! وأبوكي هيوافق، صح؟!"
حمزة قاعد مع جدته ، طلع لقي أبوه قاسي ف كان
مسسببله خوف فظيع لدرجه إنه وصل الإبتدائية وماكنش بيقدر يتحكم في البول ، خرجه من
المدرسة ورماه بين القهاوي يجيب فلوس، كان إبن وحيد علي أربع بنات فأبوه قاله إنه ماينفعش
يصرف عليه هو واخواته البنات ، وإن أخواته البنات في رقبتهم هما الإتنين، بس أول ما
حمزة كبر وشد حيله وقوي علي أبوه سابله البيت ومشي ، قعد مع جدته وقرر ياخد كورسات
في أي مجال جايز يعوض اللي فاته ، وفي إحدي الكورسات العشوائية اللي كان بياخدها قابل
إيناس، كان مثقف جدًا ومرح جدًا ومابيعرفش يقعد ،عايز يشغل وقته طول الوقت!...يمكن
عشان مايفكرش
نسي أبوه وأخواته البنات، حتي إنه عرف إن أبوه
مبقاش قادر علي مصاريفهم وماهتمش يسأل، إخواته طلعوا يشتغلوا ، كل حياته متعلقة بين
جدته أم أمه وإيناس، حاولت إيناس كتير تخليه يرجع لأهله بس في كل مرة كان بيرفض من
غير ما يديها أسباب مقنعة، كان بيقولها إنه بيهرب من ماضيه طول الوقت ولو رجع لأهله
ف هايتحشر بإيده بين ماضيه ومش هايعرف يخرج، وإن أبوه كان بيعذبه في كل مكان في جسمه
وقدام أخواته البنات، هانه كتير وجرح كبريائه أكتر، هو مبقاش عارف يشوف نفسه راجل في
عين أبوه وعين أخواته البنات
هو هرب من المكان اللي أتعرض فيه لأذي ، وخايف
يرجعله عشات ميواجهش تفكيره من جديد...
-------
كانت الساعة إتنين الضهر لما جه أتصال لذكري
من إيناس تيجي تاخدها، كانت بتقلب في صورها علي الفون وصور أخواتها وصور مامتها، مسدجاتها
مع تيسير ، صورها علي البحر مع أصحابها، وأخيرًا صورها مع كرم، حياتها قبل ست شهور
بس ..! نزلت دمعة علي خدها مسحتها مع رنة إيناس ، قفلت الفون وبدأت تسوق العربية ،
وصلت لإيناس وأخدتها ووصلت الڤيلا
إنتبه ليهم أسامة اللي كان نايم جوه أوضة البواب
، صحي وقام من مكانه بعد ما رتبه وطلع يكمل قعدته مع البواب
غيّرت ذكري لبسها وطلعت تكمل شغلها، وإيناس
كانت بتتكلم مع حمزة في الفون فوق، عدي النهار بجميع هواجسه المخيفة بالنسبة لناس كتير
وجه الليل
كانت ذكري بترتب المطبخ قبل ما تنام وشرفات
المطبخ مطلة علي جنينة الڤيلا، فشافت شخص قاعد جنب شجرة في الجنينة وبيعد جنيهات في
إيده ، ركزت فيه شوية فعرفت هو مين! دا الشخص اللي عم عزيز جه أخد منها اليونيفورم
عشانه لأنها شافته وهي خارجة مع إيناس إنهاردة
ماهتمتش للموضوع وقررت تشرب قهوة قبل ما تنام،
بس لاحظت إنه حزين لإنه رجع راسه علي الشجرة وغمض عينه وملامحه كلها إنحنت لتحت وأخدت
تنهيدة طويلة حست فيها بتعبه
أخدها الفضول تعرف ماله، خرجت من الڤيلا وراحت
ناحيته وقالت بصرامة "ممنوع تقعد هنا ، روح أقعد جوه أوضة البواب" من جواها
لعنت نفسها لإنها مابتعرفش تتكلم بطريقة كويسة ، الراجل حزين وهي بتزود حسرته علي نفسه
رفع أسامة راسه بعد ما فتح عينه وكانت محمرة،
قالها وهو يلملم الجنيهات من علي الأرض "حاضر ، ماكنتش أعرف أنا أسف" وقام
من قدامها بسرعة خوفًا من دا يسبب لمشكلة في شغله
وقفته ذكري وهي بتقول "عيونك حمرا ليه
، إنت كنت بتعيط علي حاجة!"
نفسي أسامة برأسه ، فصممت ذكري علي كلامها
فقالها أسامة "أنا حسيت بجوع مش أكتر والفلوس اللي معايا ماتكفنيش وجبة هنا، غير
إني ماعرفش أي اماكن هنا ممكن أشتري منها حاجة علي القد"
قالت ذكري بفضول "إنت ماكلتش من أمتي!"
رد أسامة "يوم"
قالتل ذكري وهي بتمشي من قدامه "تعالي
معايا"
مشي وراها أسامة وهو من جواها فرحان إنه برفقتها،
بالكاد نسي إنه جعان، دخلت ذكري من باب خلفي للڤيلا المطبخ الرئيسي لها، كان معاها
مفتاحه لإنها بتغير أواني المطبخ كل شهر وبتيجي تغيره من المطبخ الرئيسي
دخل وراها وقفلت الباب وقالت بضيق "في
فاكهة في التلاجة دي ، وفي خضار هنا وفي بوتيجاز ، بتعرف تطبخ؟!"
رد أسامة بخوف من طريقتها "لا"
ردت ذكري بحرج "ولا أنا" وحكت دقنها
تفكر
كان أسامة يطالعها بعيون فاحصة، فقالت ذكري
مقاطعة الصمت "نسمع فيديو ونعمل زيه، عايز تاكل إيه؟!"
قال أسامة "مش إنتِ المفروض بتعرفي تطبخي!"
ردت ذكري "لا مابعرفش ، برتب الڤيلا بس،
الطبخ دا علي حد تاني، وبعدين ركز في اللي هتاكله خليني أروح انام"
صوت بداخل ذكري "يعني قلبك قاسي علي كل
الناس وجه عند دا والفيشة فصلت"
قال أسامة "أي حاجة ، ممكن أكل فاكهة
دلوقتي وأستني بكرا لما أخد وجبة الغدا" قالها بطريقة جعلت قلبها يشفق من جديد
فقالت ذكري "هانعمل بانية، في شرايح فراخ
هنا، ثواني أسمع فيديو علي فوني بيتعمل إزاي"
شغلت ذكري الفون وتابعته ، قالت علي غفلة
"هات شرايح البانية ودقيق وزيت و..."
ماكنش أسامة ملاحق علي الطلبات اللي بتطلبها
غير إنه مايعرفش مكان حاجة ، فوقف وراها وسكت مستنيها تخلص
إنتهت ذكري ومالقتش حاجة جات قدامها علي أرج
المطبخ، فإلتفتت لأسامة اللي إبتسم ورفع إزازة الزيت وقال "جبتلك زيت"
رمقته ذكري بنظرة استهزاء وقالت "كُل
زيت بقي"
رد أسامة مبررًا "ما أنا مش عارف مكان
حاجة هنا"
زفرت ذكري وراحت جابت هي الحاجة، خلته يمسك
الفون ويقولها الشيف بيقول أيه وذكري بتحاول تطبخ، دي أول مرة تحاول تطبخ فيها
بعد نص ساعة من العك والجلبة اللي عملتها ذكري
في المطبخ ، أشارت بسبابتها اللي كلها دقيق في وش أسامة وقالت محذرة "إنت اللي
هاتنضف كل دا"
إبتلعب أسامة لعابه وقال "حاضر حاضر"
إنتهت من البانية وحطته في طبق، شكله ماكنش
لطيف ، وكان خايف ياكل بس ريحته كانت حلوة فأكل، كانت ذكري واقفة بتبصلة مستنية رأيه،
إزاي تحولت تلك الكتلة من الكبرياء لبنت واقفة مستنية رأي حد بنظرة كلها أمومة ومواجهة
قال أسامة وهو مستمتع بطعم الأكل "الله
جميل أوي يا أستاذة ذكري"
تنفست ذكري الصعداء وقالت "ألف هنا، رتب
المطبخ وأنا طالعة أنام" وراحت تغسل إيدها وسابته بياكل ، بصتله قبل ما تمشي ،
كان فعلاً جعان كإنه ماكلش بنفس كدا بقاله فترة كبيرة، كان وسيم وهادي وإبتسامته حلوة
طلعت أوضتها ولأول مرة تحس إن حد ممتن ليها
من فترة كبيرة، ودا خلاها ندمانة ، هي بتنجح في إن الناس تجتنبها، المرة الجاية هتحاول
تكون فظة معاه
خرج أسامة أسامة من المطبخ بعد ما رتبه كويس،
وراح ينام عشان بكرا هيبدأ أول يوم شغل
---------
الساعة تسعة الصبح في البحيرة، كان قاعد شخص
معدي الخمسين في الصالون بتاع الڤيلا لما دخل عليه شخص بيقول "البواب الجديد وصل
، حضرتك هتقابله"
قال المسن في فتور "قابله إنت"
إستأذن الشخص وخرج ، طلع المسن الطابق التاني
فلقي مراته لسه نايمة ، غيّر هدومه ونام جنبها ، صحت مراته وقالت مستغربة "مش
رايح شغلك!!"
قال المسن "لا، ماليش مزاج إنهاردة، عايز
أستريح شوية"
سألت مراته بقلق "مالك يا متولي"
رد متولي في ضيق "عايزها تيجي عشان أموتها
بإيدي، تحرق قلبي بالشكل دا ليه، أنا مش هاتردد ثانية واحدة إني أقتلها"
شافت مرات الأب إنها فرصة كويسة فقالت
"ليك الحق طبعًا في دا ، هي إزاي تعمل حاجة زي دي وعشان إيه تهرب ، هو إنت كنت
عملتلها حاجة وحشة"
كملت "دا إنت كنت مدلعها وعاطيها كل وقتك
هي وأخواتها البنات، ماتشلش هم، بكره تلاقيها ، أصلها هاتروح فين يعني ، وهي لما تدوق
لسعة البرد في شارع أو الجوع في ليل هاتيجي تترجاك تسامحها"
بصلها متولي في نفاذ صبر "هي غايبة أديلها
فترة، يعني كل دا ولسه ماحستش بلسعة برد وجوع، أنا روحت الكلية الأساسية اللي هنا وعرفت
إنها حولت منها لمحافظة بني سويف ، بس مش عايز أنا اللي أروح وأجيبها ، عايزها تيجي
تبوس جزمتي عشان تعرف إني كنت معيشها في هنا، لما تدوق مرمطة الشوارع هاتعرف النعيم
اللي كانت عايشة فيه ومش هاتيجي في يوم تتذمر تاني"
قالت مرات الأب وهي بتضيق عيونها "يكونش
حد ضحك عليها بكلمتين عشان يتجوزها ويناسبك، أنا قلقانة من الحته دي"
رد متولي "قولتلك ميت مرة دي الحاجة الوحيدة
اللي متأكد إنها متعملهاش ، دي بنتي وأنا عارفها ، مناخيرها في السما ومايكلش معاها
جو الحب والرومانسية دا ، هي من ساعة موت أمها وحالها أتشقلب ميت درجة، وبعدين الدكتور
اللي راحت عنده كلمني وقال كل اللي دار بينهم وإنها ماكنتش طبيعية ، قالي إنها لسه
في صدمة ولازم نخلي بالنا منها"
ردت مرات الأب "طب وإنت هاتعمل إيه!"
سند راسه علي الحيطة وقال "مش عارف ،
بس أنا مش هاجيبها ، أنا وقفتلها الڤيزا كارد بتاعتها ، لما نشوف هاتعيش إزاي، ومش
هيهدالي بال غير لما ترجع تتذللي تاني ، دي واخدة طبع أمها في الكبر وانا هاكسرلها
الحته دي"
قالت مرات الأب وهي بتتاوب وبعدين سندت رأسها
علي صدره "مش هانخرج شوية ، بس لوحدنا من غير البنات"
رد متولي وهو بيمسد شعرها "حاضر"
---------------
أخد رشفة من عصير المانجا وقاله "وإنت
بقي إسمك إيه!"
رد عليه وقال "شريف"
#يتبع
للروائية: أميمة عبدالله