رسالتي الأخيرة

ما الدافع الذي يجعلني لا أنتحر؟

نعم.. لقد قرأتَ الجملة صحيحة، أنت الآن تقرأ وريقاتُ شخصًا سينتحر بعد دقائق معدودات، فإن كنتَ تقرأ هذا، فمن فضلك ادعو لي بالرحمة، ردد معي "رحم الله امرء خذله الجميع، فذهب شخصيًا اليكَ ليشتكيكَ يا الله، وليس بنادمٍ على الرحيل"

لِمَ أندم.. افنيتُ عمري في رضى عائلتي، ولم يرضوا، فجددتُ عمري، بعمرين، أحاول استقطابهم حولي ولم يأبهوا، فجددته ثالثًا وكنتُ قطًا ذا سبعِ أرواح، وكانوا ملك الموت لأرواحي يسحبونها دون عناء، وكأنهم مثله سحبها هو مهنتهم، وكأني أذنبتُ في حق شيئًا مقدسًا وكانوا عقابي وكنتُ عقبتهم.

أنا لم افشل، مادمتُ حيًا فأنا أحاول، لم أخسر الحرب بعد أمي، فلِمَ كلّما نظرتي لي قلتِ بعينيكِ "يا خيبة أملي، بأي حقٍ تمتلكُ العزيمة لتقاوم؟" نحرتني ولم تري دمي أمي، وأبي العظيم في عيني، ذهبت عظمتهِ، لم تعد غايتي أن اراه مبتسمًا، حلمِ بات أصغر..

فقط أردتُ أن اثبت لكم شيئًا ما، فقط اردتُ أن أخبركم "أنا استطيع" لم ادخل الكلية التي تريدها أبي أعترف، لكنها بشكلٍ ما لم تكن تلائمني، ولم أقرر أنا ذلك، الرب قرر، ف اي معارضة سنقع جميعنا في المهالك، فلمَ اسخط وأصاب بشعورِ الحسرة؟ مِن فضلكم، إنها ليست نهاية العالم.. 

تعلم ماذا؟ من يهتم؟ لم تهتم لحياتي يومًا، فلِمَ اشكو لك سخفاتي؟

فقط اردتُ أن اخبرك عن الحروبِ التي خُضتها، وهي في الأصل شجاراتٍ صغيرة، وهذا عينُ القصيد.. كل ما في قلبي من أسى الآن، ما هي إلا صغائر الأمور تراكمت فوق بعضها لتصنع جبلًا على عاتقي يكسرني يحطمني، لم أعد اقاوم، وحين حاولتُ أن اشكو... كلها صغائر، لم يكن منطقيًا ان تستمعوا.. فقط فشلي في تلك المرحلة الثانوية الآن، هي سبب وجيه، وربما مفسر أمام الجميع من حيثُ سطحيتهم لإنتحاري الآن..

أنا لم أنتحر من أجل شيءٍ تافهٍ كهذا، أنا فقط راحل لأخبر ربي أن يهبني هبة التعبير عن ما بداخلي، ويمنحني عمرين فوق عمري لأشكوا لكم شعوري.. مشاعري، لا أعلم لكن.. أنا فقط راحل.. كرهتموني ربما، لكن ما أنا مُيقنٍ منه أنّي أحبتتكم.. أمي لا تبكي من فضلك عليَّ، لن يُعيد بكاءك شيئًا، افعل الصواب أبي وفر وقت حزنك في التفكير، كيف تعامل أخوتي، كيف تعوضهم عن ما فقدتُ أنا، أمي مجددًا لا تنسي أن تُعدي الطعام في يوم جنازتي لاخوتي، لا أريدُ أن أكون سببًا في نومهم شاعرينا بالجوع.. أخوتي، قد لا تفهمون ما أقوله الآن، لكن لا شيء يستحق.. صدقوني، أياكَ أن أجد أحدًا منكم عند الله يبكي مثلي ويقول ربي أنا انسحبت، أنا انسحقت..

وأخيرًا ومجددًا، عندي الكثير مما أود أن أخبركم به.. لكن لا أعلم كيف أعبر، وربما تستيقظين الآن أمي لعلة ما، لصلاة الفجر مثلًا فتهلكيني أكثر ظنًا منكِ أنكِ بفعلك هذا انقذتني، لذا لا وقت لدي.. أخيرًا.. أحببتكم.. ادعو لي.. وداعًا.
#الكاتب_الرمادي



الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم