كان يوم امتحان الثانوية العامة تحديدًا أول لجنة له رابع لجنة للطلاب مادة "الفيزياء" نظر لترتيب الأسماء وهو يعلم مكانه كالعادة اول درج في الصف بجوار الجدار الأيسر، جلس دخل المراقبان وزعا الأوراق طلب المراقب ألا ينسى أحد ملئ بيناته الشخصية روتين ممل لا داعي له لنهتم بالأمور الشخصية الآن.
بدأ بحل السؤال الأول فالثاني ثم بدأ يفكر في الثالث، أرهقه التفكير فترك قلمه وبدأ ينظر أمامه قليلًا ليوقف عقله الواعي قليلًا ويترك اللاواعي يتخذ الإجراءات اللازمة لعملية الاستذكار، عمليًا كانت خطوة خاطئة فكان من المفترض أن ينتقل للسؤال الذي يليه وكان سيقوم عقله بالبحث أيضًا لكن "لكل شيخًا طريقة" وهذه طريقة شيخنا، بينما كان يفكر في كيف يمكن تفسير العدم بكلمة غير رقم صفر التي لا تعني.
فقط لا تعني، فإن كانت لا تعني شيء فهي لم تعد تعبر عن العدم، بينما كان يفكر فاق من شروده على صوت المراقب الذي باشر بسؤال "أشعر أني رايتك من قبل"
ليجيب طالبنا، نعم العام الماضي في نفس المادة، لكن كانت المدرسة المجاورة "
- نعم تذكرت، أنت عابر جار به الزمان
= بالضبط
- وها قد رسبت كما أخبرتك أنك ستفعل أن تركت الأمور تسير على طريقتك في اللامبالاة، وعدم الاجتهاد
= ومن قال إني لم أجتهد
- وجودك هنا هو خيار شاهد على ذلك
= هذا إن فكرنا بطريقة سطحية، أو أنك أخطأت التعبير، كن دقيقًا في سطحية مسمياتك وقل "اجتهدت في دراستك" وسأخبرك بعدها، أن الأمور لا تسير على هذا النحو
- ما تقصد
.....
تذكر إجابة السؤال فصمت لبرهة حتى أنهى إجابته وكتب شطر إجابة السؤال الرابع والشطر الآخر كان مشوشًا في كتابة السياق فنظر للمراقب وأكمل حديثه قائلًا
أقصد أن نجاحي أحد القوائم المنسدلة لقائمة رئيسية تسمى المجهود، فقط القدر يختار أي قائمة يريد أن يختار حسب رغبته المبنية على...
تذكر الشطر الآخر من الإجابة و بدأ بالسؤال الذي يليه وقد كان "اختر الإجابة الصحيحة مما بين القوسين"
بدأ بالحديث وهو ينظر للأسئلة وهو يقول
حياتنا عبارة عن قائمة لقائمة رئيسية تسمى مجهوداتنا، الغريب أن الجميع ينظر لتلك القائمة ولا ينظر للغصن الذي يمسك ثمرة التي تحتوي على القائمة في لبها، آلا وهي ثمرة الأحداث المعلقة في غصن القدر من شجرة الحياة....
الإجابة هي أن المقاومة هي .... الإجابة هي ج الممانعة التي يتلاقها التيار .... إلخ، أنتِ دال لا محالة، صفر، دلتا، كان كيرشوف الثاني هو سيجما ڤي بي يساوي سيجما آي آر
وبهذا تكون الخطوات.... الخ
أنهى حل السؤال السابع وأكمل قائلًا
لم أرسب لأني لم أجتهد في دراستي كما تزعم، بل اجتهدت، واجتهدت بالقدر الكافي ليجعلني أحصل على أضعاف درجة صديقي الذي دخل كلية حقوق الآن، بينما رسبتُ أنا.
لكن هذا ما أراده القدر لي
- نستخلص من هذا أنك تقول إن حظه أفضل من حظك وأنك تعرضت لظلم ما
= ظلم! بنظرة ثالثة نطق كلمة ظلم مقترنة بالقدر هي جملة متناقضة كافرة في حد ذاتها
- ما تقصد
= كما تعلم القدر تأتي من القادر والقدير هو الله، وهو نفسه العدل، فكيف تبنى كلمة ظلم على أسم وصفة عدل؟ لا يصح تركيب هذه الجملة بهذا الشكل لغويًا حتى، تناقض يُبهم المعنى ويهدمه، حتى الجملة تعارض أساسيات ما تعلمنا في اللغة.
= حسنًا ما قصدك إذن
هذا السؤال يلزم لحله قانون بقاء الطاقة الذي ينص على أن
E = mc^2 .... إلخ
- أنهي إجابة السؤال ثم نظر له وهو يقول كان يمكن أن أنجح لكن بين ألاف الاختيارات اختارت الأحداث رسوبي
= لم أفهم ما ترمي إليه بعد
- لحظة .... سأنهي إجابة هذا السؤال ..... دفعت لسائق الأجرة خمس جنيهات وثم تاكسي عام بجنيهان ونصف وسأعود بمثلهم، هذا هو القدر الذي يشمل كلمة رزق، كلا الكلمتان تتضمن في أحشائها معنى الأخر، الرازق القادر نفس العظيم الذي نعبده، كان مقدر لسائقي الأجرة الذي دفعت وسأدفع لهم أن يُرزقوا مني هذا القدر من المال في هذه الامكان وفي نفس الأزمان.
قال المراقب ساخرًا "فجعلك الله ترسب من أجل أن يرزقهما منك أليس كذلك".
- نعم، لكن ليس بالضبط
= كيف إذن
- أخبرتك أننا قوائم منسدلة لقائمة من أل بزرة في غصن لشجرة اليس كذلك،
كان هناك الاف السيناريوهات المنطقية لتجعلني أدفع نفس الأجرة لنفس سائقي الأجرة مع نجاحي، لكن الأحداث التي مرت بي قبل الامتحان قلصت عدد القوائم التي سيختارها القدر وفي نفس الوقت نشطت بعض الخمول عندي فقللت من مجهودي فقلصت باقي القوائم المنسدلة ليتبقى قائمة أو اثنتان بينما صديقي الذي لم يجتهد ونجح فكان رزق سائق أخر معه وخير السيناريوهات له أن ينجح تلبية لدعاء البعض ... إلخ
بينما كان عدل بعد خير لي الرسوب رغم أني اجتهدت أكثر منه، وعانيت أكثر، وربما كانت الدعوات لنجاحي أكثر لكن العدل هز العدل والله يرزق ويحسن لمن يشاء
= وبهذا تعود لنفس نقطة "أن لا عدل"؛ فأنت بكلامك تناقض نفسك أُهلكت من عوامل خارجية أكثر منه أدت لتقهقر مجودك في المذاكرة.
صمت قليلًا حتى أنهى الامتحان بينما أبتسم المراقب ظانًا أنه قد فاز عليه أخيرًا، بينما أكمل "عابر" حواره بعدها: ليس بالضبط أيضًا
- ماذا؟
= نقطة الـ لا عدل، ليست كما قلت
- كيف
= لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، بل لم يكن هناك عدل إن وضعنا في نفس مواضع الاجتهاد، فليس من العقل أن تجلب سيارة نقل ثقيل وسيارة أجرة وتطلب منهم أن ينقلا نفس الحمولة بنفس المجهود، أعطاني الله نفسًا أوسع وقدرة أكبر، وطلب مني مجهود يساوي تلك القوة، وتخاذلتُ أنا متذمرًا لما لا يتعب كما تعبتُ أنا، كالعادة نفهم المسائل بعد انتهاء كامل النتائج، وقد فهمت الأمر متأخرًا
انتهى الوقت لذا أعذرني لنكمل حديثنا في وقت آخر
#حياتنا_قوائم_منسدلة
#الكاتب_الرمادي
