حقيقة الحياة

 لوسيفر: عذرًا إخوتي، دعوني أذكرهم بشيء مهم. 

الرمادي: دعنا نذكرهم معًا؛ فكلنا اشتركنا فيه.

لوسيفر: موافق هيا بنا.

الرمادي: لا تنسوا أنكم من غديتموني كـ كوني لوسيفر كاملًا، أنتم من بناه هكذا، وأنت من جعله يسيطر، كنتم تزرعون الأشواك بطريقنا رغم أنكم رأيتمونا.

لوسيفر: عذرًا إخوتي، أريد أن أتحدث وحدي.

الرمادي: لما؟ أليس جميعنا واحد الآن؟

لوسيفر: اعذروني لم أقصد، لكن هكذا سيكون أفضل وأسهل لعلهم يفهمون، وأنا ميقن أنهم لن يفهموا ما فعلوه إن تحدثنا معًا وسيختلط الأمر عليهم؛ فكل مِنَّا سيتحدث عن تجربته ممزوجة بتجربتنا أما أنا فأريد التحدث بصفتي لوسيفر، لكن بالطبع ظاهريًا سأتحدث نيابة عن هذا الجسد.

الرمادي: حسنًا، كما تريد، تفضل.

جحيم : كنتم تزرعون الأشواك بطريقي رغم رؤيتكم سيري حافي القدمين، لكن يجب علي أن أشكركم؛ بفضلكم لم أعد أشعر بالألم، كوني متجسد في الجحيم هذا يعني أني خلقت منه لكن عندما اتجسد في الرمادي هذا يعني أني مزيجٌ من الأبيض والأسود، أي أن رغم الهلاك بداخلي مازلت محتفظ بالرحمة والقيم الإنسانية التي لطالما تحدث العالم عنها ودعىٰ بالاتجاه إليها وتغنى بها، في الحقيقة أنتم جعلتموها مجرد رداء يستر عورتكم لا أكثر، لكن ذلك الأحمق لم يفهم هذا، لم يفهم أننا في حرب معكم يا معشر الخبثاء والمنافقين، أنا وحدي من يفهم ألاعيبكم تلك، أحمل سلاحي الخاص الذي بمجرد أن تلمحوه تفروا هاربين رغم امتلاككم مثله أو بالأدق مشابه له؛ فسلاحي تقنياته أعلى بملايين الأضعاف لما تمتلكونه، بينما تطورون سلاحكم مرة كل عام أطوره أنا «واحد وثلاثون مليون ومائة وأربعة آلاف مرة» في نفس العام؛ فلا أظن أنكم تحبذون أن تجربوا ذخيرة هذا السلاح.

أنجل : بما أنك تحدثت عن الرمادي و هددت؛ دعني أنا أكمل هذا الجزء من الخطاب من فضلك.

لوسيفر : بالطبع تفضل.

أنجل: بينما بإمكانكم بناء درع متين يعطل ذخيرته، درع مكون من صداقة صادقة لا خداع ولا آلاعيب فيه، مبني على أساس من تفاهم مشاكلي، مثقول بمحاولة هدايتي إلى الطريق الصحيح، مزين بتقديركم لما أنا فيه عندما أكون في مشكلة ما، وعلى رأس تلك الزينة زهرة من نصحي وتحمل بعض تفاهتي، لا أظن أني أطلب الكثير، فقط أنا أطلب حقي: وهو أن تعاملني كما اعاملك لا أكثر، لا تتعالى حتى لا تثير غضب لوسيفر، صدقني سيدهسك ويمضي، لكنكم يا معشر البشر لا تفهمون ذلك، لا تفهمون أن الكون مثل جسد الإنسان، فكل خلية من خلايا أجسادكم تسلك سلوك كائن بشري مصغر، حيث يوجد خمسون تريليون خلية، كل منها ككائن بشري دقيق، تعمل مجتمعة حيث تقوم جنب إلى جنب بكل حب ونقاء بتأمين ضخ القلب وتنفس الرئتين وملايين المهام الأخرى التي يحتاجها الجسد ليعمل بصوره صحيحة، بينما أنتم سبعة بليون أحمق لا تقدرون على العيش مع بعضكم في سلام ولو لعدة أيام، لا أظن أنكم فهمتم من أنا إلى الآن، حتى أنا يصعب عليّ فهمي لكن الصورة ستتضح مع الوقت، لنكمل كنت قد شبهت حال الحياة برهبان أوروبا في العصور الوسطى، سأبسط الأمر بقصة قصيرة تعكس ما أحيا أو ما نحيا، في عام 1592م قامت الكنيسة الكاثوليكية بسجن الباحث والمفكر والفيلسوف الإيطالي"جيوردانو برونو" لمدة ثمان سنوات بتهمة الهرطقة؛ لأنه كان يظن أن الشمس مركز المجموعة الشمسية وأن النجوم عبارة عن شموس تدور حول بعضها "كواكب"، رفض "برونو" التنازل عن أقواله، لِذا قامت الكنيسة عام 1600م بقطع لسانه ومن ثم إعدامه بتهمة ‹‹الكفر››، أظن أن هذا المثال أوفى شرحي من جميع إتجاهاته، والجانب الأفضل أنه حقيقي.

الرمادي: الآن دعني أروي عليكم الجانب الآخر.



الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم