جنازة حفل زفاف

كان اول نص اكتبه وأول نص أقرأه علشان كدا مضروب من كله ان شاء الله هعوض في اللي جي محتاج نصايحكم بس 

فتحت مذكراتي ، و منحت قلبي الذي أفكر به قلمي ، و تركت له العنان ليكتب ما يشاء ، عن أي شئ سيكتب هذه المرة ، في الحقيقة أنا شخصياً لا أعرف ، لكني متأكد من أن كتابته لن تخلو من الألم المتاعب فالندم و من ثم الحسرة ، و بالطبع لن ينسى المأساة التي تلوذ به فالندبات التي أحاطت وجهه بكثرة ، كالمعتاد يولول و ينوح على نفس الأحداث ، و مرارة السنوات تجرعها من نفس الكاس ، نفس الأحداث نفس المواقف نفس الأشخاص تكررت في ذهننا مئات المرات ، رغم أن الصور الأصلية لهذه الأحداث مر عليها عدة سنوات .

لكنه فاجئني هذه المرة ، كمفاجئة لساحر يخرج من قبعته امام المارة ؛ فلم يتحدث عن صديق شق صدري من ظهري من كثرة الطعنات ، أو ظلم تعرضت له فأظهر على قلبي عِدة ندبات ، أو ابتسامة مصطنعة رمقني بها أحد الأصدقاء ، أشعرتني كفريق خسر ظلم بسبب ضربة جزاء ، أو على الليالي المرة التي لم أنم فيها من شدة العناء .

هذه المرة فتح جرح كنت قد ضمته ، و أخفيت ندباته منذ سنوات ، و كنت قد أقفلت على مكانه ، في ذاكرتي حتى لا يخطر ببالي حرف عن سيرته ؛ التي لطالما كانت تهمني ، كنت أخفيها في عقلي ، و أكتب عنها كل ليلة في ذهني .

ذكرني بها ، تلك الحسناء الجميلة في ناظري عقلي و قلبي ، و كان هذا ما كتبه.

" أما بعد ، أبلغكِ يا من كانت السبب في دفني ، أني عدت للحياة ، و أبلغك أن هذه  آخر مرة أناشدك في سطوري ، هذه أخر سطور لي تحمل أسمك ، من اليوم سأكتب إسمك على حروف ساطوري و أصنع من دمائك حبر لقلمي أجيد بهِ رسمك.

فقد قررت أن أنفضك عني كما ينفض جسدي هذا الغبار عن ملابسه ، و أخبركِ أنّي قد حفرتُ قبر لصورتكِ بين سطورِ تلك ؛ لدفن جثمانكِ فيها فقد أصبحتِ جثة عفنة ، تخليدها أكثر لن يجلب لي إلا ما كرهت الأنفس.

أشهدكم أيها القوم ، أنّي شيعت جنازة حبي اليوم ، و دفنت جثتها في قبر كنت قد حفرته أسفل مكب النفيات ، و فعلت ما يفعله أي أهل في الجنازة بعد الممات ، دفنتها بنفسي و أقمت العزاء ، و كتبت لها بعض من الرثاء ، و ناديتكم ودعوتكم لحضور حفل جنازتها ، فشكراً لكم ، على حضوركم للعزاء و بالطبع عزم الله أجركم.

أما قبل فسلاماً على جسد لم يرتوي من الراحة يوما ، و لم يعد يتحمل ألمِ فأفنيتهِ بعد الفراق ، ها أنا عدت و أقسم أني سأعيده ، و بالطبع سأعود لأعيد الكرة ، حتى بعد ما أذقته ليالِ مُرة ، لكن هذه المرة ليس أنا من سيلقى الممات ، لأني أقسمت أني من سيكتب النوتات ، و أني من سيعزف الأوتار، و من سيبني الأسوار ، و شكراً على حضوركم للحفل الذي أقمته ، حفل زواج جسدي بعقلي و قلبي .

فشكراً على التهاني ، و لا دعوات لأن يحدث لكم ما لحدث لي .

فلا أريد أن أحضر لأحد حفل بنفس عنواني "جنازة حفل زفاف" مر علي أثناءه قرون من الجفاف ، و لا أظن أن أحدكم يحبذ فكرة أن يقضي معظم حياته سبع عجاف.

#جنازة_حفل_زفاف​

#عزالدين_مجدي​

#الكاتب_الرمادي​

الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم