وكان البنيان مرصوص يشد بعضه بعض إلا جدار كان نصف مكتمل، كانت أنصاف الحجارة منثورة على الأرض متهالكة، حمل كل منها من الزمان ما يكفي فما عاد يحتمل، إن وضعت الأنصاف في الجدار سيوشك على السقوط، أما مسألة سقوطه أعترف! بيد من بيده الملكوت.
لا تضع الحجارة يا بنّاء؛ فمبناك كنز سينطفيء بريقه وإن لم تنصت سيسقط البناء، وأسفاه سيُلام المبنى رغم محاولة صموده بألف طريقه.
وسيُبنَى غيره لا يهم، أعلم، رغم ما سيصيبه حينها من لعنة البلاء لكن سيبنى في النهاية مع ذلك، ومسألة بناءه من البداية للبعض ستكون قصة طريفة.
لا يهم، ستنشئه الآن مادام سعره جيدًا، ألا ترى أن عقلك يرى بعين أعمى فيرى أن الأنصاف مناسبة و أنساك أن بعد سقوطه سيكون بين السفن قويربًا!
لم يسمع الأحمق كلماتي رغم أن الحجارة نطقت والجدران ثقلت ألسنتها من الشكوى فهلكت، بُنيَ الجدار واكتمل البناء.
حجر تلو حجر ورفعت الأقلام راية الرثاء، كل حجر يدفع حرف لرسم سطر في دوجى الليالي البرحاء، يومًا تلو يومًا والأنصاف تصمد بمواد شد البناء، وأتى شاري ضرير عويل حكم عليه القدر بالعناء ثم رحمة إن صبر من رب السماء.
أتى العويل يستند يومًا على جدار بقصد فعل شيء ما، لا أدري ربما يريد طعام أو ربما كان يريد أن يشرب القليل من الماء، ولأن القدر أراد له عيشة مختلفة اضطر ليستند على البناء، وكان البناء يطل على الهاوية والحجارة خارت قواها تزامنًا مع لمسة يده؛ فصعدت حينها روحه سريعًا نحو السماء، وكانت الدعوات مُجمعة على: أن تكون أم الباني هاوية.
#الكاتب_الرمادي
الوسوم:
نصوص قصيرة