قالت وهي بتصب الشوربة علي الرز "مش هاتصدقي اللي هقولهولك بس هحكيلك طالما إنك مصممة ، انا مابحبش أحكي لحد لإنه ماضي وإتقفل بس هاحكيلك"
حطّت الغطا علي حلة الرز وقالت "شريف لما جه يتقدملي لما بابا سأله عرفتها إزاي قاله أعرفها من سبع شهور ومع بعض دايمًا علي الفون ، أنا جاي وفاكر إنك عارفني ، هي بنتك كانت مخبية عليك؟!"
خرجت برا المطبخ وهي بتقول "أنا فعلاً كنت بكلمه وكنت دايمًا معاه علي التليفون بس من ورا أهلي ، مش قادرة أوصفلك أنا أتجمدت إزاي مكاني لما قال كدا ، ونظرة أبويا ليا اللي بيعاتبني بيها ، بابا قاله بعد إذنك وخرج ونده عليا ، أنا كنت برتعش ساعتها وأنا رايحة لبابا ، لما وقفت قدامه قالي سؤال واحد"
رجعت المطبخ وفتحت الحلة وداقت الشوربة وقالت "قالي أأمنك عليه ولا لا؟! عاد السؤال تاني من قبل ما أجاوب بس المرادي بطريقة قاسية كلها عتاب ، قالي أأمنك عليه قدام الناس ولا لا ، نزلت دموعي وأنا بقوله أرفضه"
"ودخلت أوضتي وقفلت عليا الأوضة ، بابا خرج قاله إني رفضته ، قاله ماعرفتش تأمنك علي نفسها ، فضل يبررله إنه كان فاكر إني قيلالهم في البيت وإني بحبه ومستحيل أرفضه وإنه ماكنش قاصده حاجة"
بصتلي وقالت "تعرفي أنا لغايت دلوقتي ماعرفش هو عمل كدا ليه ، كان قاصد يوصل إيه ! بس كل اللي وصل لقلبي إنه قلل مني أوي قدام بابا ، حطّني في أبشع موقف محرج قدام أعظم شخص في حياتي ، لما مشي بعد ما أترفض، بابا دخل أوضتي من غير ما يستأذن ، كنت ساعتها نايمة ومغطية وشي ، قعد جنبي وقالي أنا مش هحاسبك علي اللي عملتيه من ورايا كفاية عليكي إن اللي عملتي عشانه الحرام من ورايا ييجي يطلبك في الحلال قدامي بس بطريقة تعرفك إن حتي الحلال بعد الحرام مالوش قيمة ولا طعم ، بقيتي ماسخة ومالكيش قيمة ، وخرج"
"قعدت في أوضتي يومها ماسكة التليفون عايزة أرن أحاسبه ، أقوله "ليه" ، بس قفلت التليفون وإستنيته يرن ، مارنش ، أنا زنيت كتير علي دماغه عشان ييجي يتقدم ، ولما جه كان يادوبك بيأدي غرض ، جه أدي غرضه بطريقة ماتخليش ليا عين أكلمه تاني ومشي"
خرجت من المطبخ وراحت ناحية التلاجة وهي بتقول "ماعرفتش أصبر ورنيت عليه ، قالي أول ما فتحت "أنا عملت اللي عليا " ، كنت عايزة أقوله أنا متصلة أعاتبك علي....بس لقتني بقفل السكة تاني"
طلّعت جزر من التلاجة وقفلت التلاجة "بابا كان بيبصلي بس ، كانت نظراته شايلة عتاب بيدخل قلبي يكسر فيه ، مهما أقول إنهاردة أنا كنت بحس بإيه مش هاقدر أوصفلك بالفعل أنا كنت بحس بإيه ، تخيلي تشوفي الُرخص في عيون شخص كان أغلي ما عنده إنتي"
"لما قعدت مع نفسي لقتني خسرت ، ياااه علي الخسارة اللي خسرتها ، مش عارفة أقول ايه غير إني خسرت قدام بابا.."
عادت الجملة الأخيرة "خسرت قدام بابا "
قولت بإنصات "وبعدين!"
قعدت علي الأنتريه مع كوباية الشاي "عارفة إنتي الضربة اللي بتقطم ضهرك وفكرك وتحولك فجأة لشخص بيستحقر النسخة القديمة منه ، لقتني فجأة قافلة باب علي نفسي ومستخبية وراه"
كملت "في مرة كنت راجعة للبيت وبجر رجلي من التعب ، ولقيت نظرات من شاب ساكن علي أول منطقتنا بس مش الشارع يعني ، إتكرر الموقف معايا ف خليت بابا يقف في مرة قدام الشاب دا وأنا أعدي من قدامهم ولو بص بابا يروح يكلمه ويتخانق معاه ، مشيت وفعلاً الشاب بص عليا ، بابا شافه بس رجع ورايا ماكلمهوش"
أخدت رشفة من الشاي "قولت لبابا بعصبية كنت المفروض تتخانق معاه ! بابا بصلي وقالي "نظراته أهون" فهمت قصده ساعتها وسكت ، هو ماعرفش يشوف إني أتغيرت ، ف سكت"
"إتكررت بعدها مواقف مشابهة ، من شباب بتعاكس ، من أرقام بتتصل ، من نظرات ، من أشخاص بيغلسوا ، وكان رد بابا دايمًا "دا أهون" كإنه متعمد يوصلي إن اللي عملته مهما يتقارن بأي حاجة تانية ، الحاجة اللي إتقارن بيها أهون منه بكتير"
كملت "وكبرت ياستي وإكتشفت إن فعلاً كل حاجة أهون من إنك تروحي تعملي الذنب برجلك ، إكتشفت إن معاكسة شاب أهون من إنك تسمعي كلامي معسول وتضحكي ، وإن الشاب اللي بيخترق جسمك بنظراته أهون من إنك تستخبي من ورا أهلك عشان شخص ياخد من وقتك ومشاعرك ، إكتشفت إنك تقعدي قصاد شاب في مواصلة ويدقق في وشك أهون من إنك تتكلمي مع شاب ويدقق في نبرة صوتك وصورتك ، إكتشفت مع الوقت إن كل الحاجات اللي مالكيش ذنب فيها أهون من إنك تروحي تعملي الذنب برجلك"
أخدت رشفة كمان وقالت "لما جه شخص معرفوش عشان يتقدملي ، بابا لما قعد معاه سكت ، الشاب بس اللي كان بيتكلم ، ولما خرجت عشان أقعد معاه ، بابا قالي جيت أغليكي قدامه ماعرفتش أقوله إيه ف سكت ، أصل الغلاوة مش بشكلك ولا تعيلمك ولا الفلوس اللي في شنطتك ، غلاوتك في الفرص اللي بتاخدها منك الناس ، سمعت كلام بابا وحسيت مشاعري مالهاش طعم ، كل حاجة باهتة حتي القاعدة اللي هقعدها بعد كام ثانية"
قولت "أبوكي ماكنش ينفع يقسي بالشكل دا"
"عارفة إنه قسي عليا أكتر من اللازم ، ماطمنش غير لما أتجوزت ، أصله فضل ساترني وأنا اللي عريت نفسي ، ف سابني أستر نفسي لوحدي ، عارفة إنتي لما تروحي تقولي لأبوكي إنت ليه ماجتش غطتني وإنا نايمة إمبارح ، ف يرد عليكي ويقولك غطيتك بس إنتي اللي حركتك كتيرة ف عريتي نفسك وأنا ساعتها كنت نايم ، ف تسكتي عشان كدا ماعلهوش لوم"
قالت مع أخر رشفة شاي "لما خرجت وإتكلمت معاه وإتخطبتله كنت طايرة من الفرحة إني حققت إنجاز ، إنجاز إني الشخص اللي قدامي مايعرفش إني حبيت واحد قبله ، إنجاز قدام بابا إني إتخطبت لواحد صفحتي معاه بيضة ، إنجاز قدام الناس إن أنا كنت قاعدة في بيتي وجه اللي شاريني من غير أي مجهود مني"
"بس قدام نفسي دي حاجة عادية جدًا أنا ليه شيفاها إنجاز ، ف أخر حاجة إكتشفتها إن الغلط اللي بتحود طريقك عشانه بيوريك إن الصح اللي إنت كنت ماشي فيه صعب تطوله تاني ، وإن حتي لو سلكت الصح من تاني هيفضل جوه هدومك حاجة من ريحة الغلط"
"جوزك عوضك؟!"
"هيعوضي عن إيه ؟! دا شخص مكتوبلي وكان المفروض أستناه عشان أعيش معاه الحياة اللي ربنا كاتبهالي ، العوض دا بيتقال علي طريق صعب سلكته بإرادة ربنا ، مش طريق غلط إختارته بإيديك عشان تعارض إرادة ربنا"
قالت وهي بتقوم "أنا جوزي ندمني علي الوقت اللي قضيته مع غيره مع إني كنت المفروض أستناه ، ندمني علي حقوقه اللي كنتي بدي منها لغيره ، في فرق بين العوض والدرس"
لـ أميمة عبدالله