فجوة زمنية

 مساء و صباح لعنة عليكم، مصحوبة بحرب لكم تدمرُ ،لعنة تفتك بكل من شارك في تدمير الأمة و هو مكبر، لعنة مستثنى منها من لم يجلبوا، الخراب بينهم و مرروا، بالمساكين في شباكهم و أحرزوا.

خذوا ما تبقى من جنود على الحدود و دافعوا، و رجال دين في مناسكهم أيديهم تُرْفَعُ، و خلفهم آلاف من الدعاة أعينهم تدمعُ، خاشعة أبصارهم لعلهم يُسمعوا، تذكروا ربهم بعد خوفهم أن يُصرعوا، فأين كنتم من الله، حين السلام كنتم بالفواحش تسرعوا.

على ما تدعونه، فات الآوان و التاريخ مراجعُ، انظروا فيه و للوراء إرجعوا، إنظروا كم من فعل و صرخة، ضربت صميم الفؤاد و لم تردعوا، و كم من ركعة مجازية بجهلكم للعدو بفضلها، خلقت أجيال خاضعة للجميع دون الله بالمجاز يركعوا.

هدمتم كل قصور العروبة، و لكل دروب وصولها وضعتم قيود تمنعُ، الآن بدلوا كل كأس ذل لديكم، بدلو ممتلئ و لتبلعوا، فلم تعد الكؤوس تكفي و لا الذل علقم، حتى أقول فلتتجرعوا.

تناسيتم أوامركم إبنوا و عمروا، في كم دار عبادة بالأحجام و عمروا، و مئآذن للسماء ناطحة، لكنها لا تكبر، و إن كبرت لا تجد من ينظر، تجد أدؤر العبادة كالقصور ملامحها، و بداخلها خاوية، و أبوابها مهجورة لا تجد من يعبر، بانوها تفاخروا بالهياكل و نسوا، أن أصل العبادة في الفؤاد تُعمر، ذادوا في البنيان و تجاهلوا، أصل بنائها و في حكمها لم يتدبروا، و عن من هم أحق بأموالها لم ينظروا.

_ أيها الرمادي هيا الآلة جاهزة.

= حسناً قادم، دعونا نرى، ثقباً أبيضاً، سرعة تفوق سرعة الضوء، طريقة مستحدثة لفتح بوابة مبنية على النظرية النسبية، مع تطور في معلوماتنا عن بعد الزمكان، و بوابة ستفتح في الثقوب السوداء.

هيا لنرى نتيجة ما بذلنا من مجهود اني أتمنى أن ننجح بعد جهد تلك السنوات، هيا يا رفاق شغلوا المحركات، سندخل الكون الموازي لعالمنا، سنحاول الإتقاط شئ ما، أو شخص إن إستطعنا، أتوسل إليك يا الله كن معنا.

ماذا، لا لا لا يهم الزمان او المكان الذي سأعود له، المهم أن أعود، هيا أنا مستعد.

حسناً فهمت، ساعة بالكثير و سأعود، مهلاً لحظة اليس من المفترض أن تكون المهلة بضعة ثوانٍ، أليس هناك قيود، قمت ببعض التغييرات، حسناً لا يهم لتبدأ الرحلة.

ما هذا المكان، أين أنا و في أي عصر أكون، لا يهم أياً يكن ،أنت إذا سمحت، لحظة من فضلك.

- ماذا، من أنت، و ما هذه الملابس الغريبة؟!

= في أي عصر نحن ،لا تهتم بقصتي فقد تكون لك جد عجيبة، فل تعتبرني رحالة من بلاد أجنبية، فقط أخبرني أين أنا، و في أي العصور؟

-حسناً، سرني لقاءك، أنت في مكة، عصر الدولة الإسلامية.

"قال جملة و على ملامحه فرح و سرور، سأصدقكم القول، إبتسامته جعلت شئ ما بداخلي مكسور، أو حرفيا جعلتني مقهور"

= أمات رسول الله 

- أنت الآن في عصر الفاروق إبن الخطاب، ذاده الله عدلاً إلى أن يلقى الحساب.

= آمين، أيمكنني التواصل معه، و لو لوقت قليل

- بالطبع سِر معي، مطلبك ليس مستحيل، ها قد وصلنا، ها هو جالس هناك.

= أشكرك، فليطيل الله عمرك، و ليدخلك جنته، و ذنوبك صافية كيوم سواك.

.....

- سلام عليك سلام محمل بالخيرات، و نعمة من االه تعالى تمطر عليك بالصالحات.

= و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته، كيف يمكنني مساعدتك ؟! 

- لن تصدق إن أخبرتك لا أعلم

= لا تعلم! ، من أنت؟!، ملابسك غريبة!

- إسمي الرمادي، من أرض مصر الحبيبة، من عصر بعدك بما يزيد عن ألف عام.

= ألف عام! ما....

- أعلم، تظنني أحمق يدّعي بالأوهام، تعالى معي، سأريك شيئاً، فقط نضغط هنا و نعدل هذا، استعد، هيا.

= ما هذا؟، أين نحن؟!، و ما هذا المكان الغريب؟!، بل كيف بينتم هذا الإرتفاع الشديد!

- أهلا بك يا سيدي في عالمي العربيد، هنا يا سيدي على بُعد من عهدك، بما يزيد عن ألف عام.

= ألف عام، حقاً ربما أنا الان غارق في أجمل الأحلام...

- أتمنى، لا يهم أين أنت الآن، تعالى معي في جولة سريعة في بلادي، سأريك قطرة مجزئة من حال الأمة العربية

= حسناً هيا أبشرني، أخبرني هل فتحتم العالم بأخلاقكم؟!، هل العدل ساد عليكم؟!، هل الجميع يتبع دينكم؟!، هيا أخبرني كيف حال الأمة الإسلامية؟!

"مع كل هذه الأسئلة ذات الإجابة المخزية، لم أكن أعلم كيف أصارحه بأن أخلاقنا منتهية الصلاحية"

- سر معي سيدي، سترى بنفسك حال بلادي.

= حسناً، ما هذا؟!، لما هذه المرأة بهذا الشكل تنادي، بل كيف لهذه بالظهور بتلك الملابس العارية، أعطني سيفي كي أقضي على جهل الجاهلية.

أعطني إياه يجب عليّ قطع بعض الأيادي، أقصده ذاك السارق هناك، أعطني إياه لا تخفيه أنا أراك.

- كفاك يا فاروق كفاك، لا يمكننا فعل شئ، فعهدنا يختلف عن عهد هُداك.

= هذا لا يعقل، ما هذا الفعل اللعين، أيوجد في بلاد الإسلام سارقين؟!

- على الأقل هم أفضل حال مِن مَن يتاجرون بإسم الدين.

= بإسم الدين!

- أنظر لهؤلاء يطففون الموازين، و هؤلاء بجوارهم تحت مصطلح الحضارة متبرجين، و إنظر على يسارك، إنظر لذاك الحشد يسرقون بدون يدين، و بجانبهم من للدياثة عاشقين، و من بالقتل موكلين، أنظر يمينك، القليل على الخير عاكفين، و أمامهم زينة من الحاقدين و الحاسدين، إنظر خلفك هؤلاء فقراء، جفت منهم مياه المقلتين، و بجانبهم من بـ آلاف الأُلفات متمتعين، صبراً قليلاً فحالنا حال مبين.

= كيف تريدني أن أصبر على كل هذا، و لما هؤلاء بهذا الشكل مصطفين، أهذا ديوان للزكاة؟! و هؤلاء مساكين مثلاً؟!

- لا هذا مكان لتجارة بالربا، و هؤلاء لتحليله مدعين، و هؤلاء بعض المحتاجين، إستحلوا الحرمات كثلاً.

= الحرمات! ، أعطني سيفي لأحولهم الآن أموات.

- أكمل سيرك معي و إهدء سيدي، هناك الكثير لتراه و تغييره ليس بيدك و لا بيدي.

= و ما هذا الشئ؟!

- هذه شاشات، تعرض كل شئ يتعلق بالدين، و أيضاً الملذات، كل أنواع الفجر، و مبادئ للمبشرين، و مبادئ للطغاة، قليل للدين ،و كثير للعراة مهللين، و كثير من عادات زرعها الفاسقين، و كم من نور سُلط على المنافقين، و بعض من أفكار و بعض من تزييف أخبار، مخططة من الأعداء و المحتلين.

= و لما هؤلاء جالسين؟

- هؤلاء فليتولهم رب العالمين، شطرهم أفنوا حياتهم في التعليم، و نصف شطر فضلوا أي يكون جاهلين، و نصف آخر ما بين السابقين واقفين، و في النهاية كلهم سواء،جميعهم عن العمل عاطلين.

= و ما ذاك المكان النتن القبيح؟! 

- هذا مجمع لكل مغيبات العقل، له مروج و له من بالفتوى يبيح.

= و لما لا أشعر لهذا المكان بالأرتياح؟!

- هذا وكر للواط و ذاك وكر للزناة حيث كل شئ يجوز، و هذا وكر لمن من العدالة بالفرار يلوذ، كما ترى كل لون من الفجر مباح.

- و ما أصاب تلك الفتاة لتكون بهذا الشكل القبيح

= أين ،لا هذا أحد ذكور الكون الفسيح

- ما هذا العالم اللعين !، أعدني لعالمي الراشد الألمعي.

= إهدء يا سيدي ،و من فضلك أكمل سيرك معي

- و كيف أسير بكل تلك الطعنات على مسمعي؟

=لا تجعل الغيوم تعكر صفوك، فلتزد الضوء و ليسيطر الشروق، أعلم شعورك ،فكم تمنيت لو بعث فلاد الثالث مجدداً، حامل جنونه و في قلعته سبعة ضرب ألف ألف ألف خازوق، جزاء للجميع من قام، و من صمت عن هذا العقوق.

صدقني تعمدت أن أريك أقل ما لدينا.

- أستحلفك بالله أن تصدقني القول، أهذه أمة إتخذت الإسلام ديناً

= لنقل أنك في حلم لا يمكنك التحكم فيه، أو بصيغة أخرى مجموعة كوابيس، فلا أظن أن هذا حلم، لشخص يخشاه إبليس.

- لكن أتعلم، بصرف النظر عن كل هذا، إلا أن هناك شئ يستحق الإنحناء، أقصد أنظر الى المساجد إنها في جميع الأنحاء، من المؤكد انه لا يزال فيكم الإنتماء، للخير مع كل هذا توحي عظمة البناء، لتقديركم للدماء، لا سفك و لا نفاق كثيراً، أرجوك أخبرني أنني محق في هذا، لا تخزلني مجدداً.

= لا تفتنك المظاهر سيدي فقد بنو في كل شبر من الأرض مسجداً، و جعلوا المساجد تفوق سكانها عدداً، بنو ألف ألف دار عبادة، ثم بنوا و ضاعفوا العدد جديداً مجدداً، و إذ نُدِيَ للصلاة تجد المساجد خاوية، و كأن الأرض لم يضرب عليها ولد، فتنطق المساجد صارخة ما بكم، لما كل منكم في الأكفان متعمداً، أنسيتم أن بيننا لقاء محدداً، إن كنتم ستهجرونني فلم، حين البنيان الإيمان غلف الفؤاد، من يراكم تشدون العماد، ظن أنكم خير ذاد، لم يحسب يوماً ان الإيمان بداخلكم رماد، لم يكن ليخطر بباله أن السوء إحتلكم، من جميع الأبعاد.

تأسف المئآذن خمس مرات يومياً، مع نفس تلك الألفاظ المترددة، حي على الصلاة، قول يسمعونه بأذان مبلدة، و كأنهم مقصودون بقوله "إن تزرهم يضلوا عبادك" يعلمون كما تعلم باقي القول، فهي حقيقة قلوبهم المجمدة.

تجدهم ينادوا يا بناة الأرض هلموا، هيا سريعاً سنبني مسجداً، نريده كالصحراء، عظيم و بدون سكان، إبنوه و دعوكم من المشردين في الشوارع، و أتركوا لهم الهم في القلوب خزان، إبنوا آلاف مُألفة و أنسوا، فقراء غذاءهم الأحزان، و أغلقوا المساجد ليلاً، و أتركوا المحتاجين في الجحور سكان، إبنوا و ذيدوا و أتركوهم، و إن صدف و قابلتموهم تظاهروا تجاههم بالعميان.

بفعلهم الدمع بكى على أعين جفت عروقها، فصارت الدماء موصلة ببركان، لا الأع.....

- كفى، كفى، هداك الله، الهذا الحد وصل الفجر منتهاه، و لما تلك المرأة ترمي هؤلاء القوم بالحجارة؟!

= من؟! هذه؟، هذه تدافع عن الأقصى، بعد أن أصبحت العروبة في الرجال منهارة، ا...

- أما آن لي من هذا الكابوس أن أفيق؟!

"قالها بنبرة خوف و غضب مصحوبة بشهيق"

= ستفيق، لا تقلق ستفيق، لكن قبل أن تفيق هناك شئ آخر

- ماذا ؟!

= تمنيت لو كنت لك رفيق ،لكني مثلهم سلكت نفس الطريق، و أتمنى ان تعذرنا ألم تلاحظ الناطحات من البنيان، هذا قدرنا، فنحن آخر الزمان.

هيا إستعد، وداعاً

#عزالدين_مجدي

#الكاتب_الرمادي

الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم