جَبر

 يقال أن بعد الصبر جبر، دايمًا كانوا بيقولولي أصبر وربنا هيراضيك، كانوا بيواسوني أو بيهونوا عليا مش عارف، وهما أصلا مش عارفين إني صابر وراضي وعارف إن اخرها جبر كبير أوي هيطبطب على قلبي ويداوي كل جرح اتجرحته.


كنت قاعد زي عادتي في البلكونة وباصص في السما وبدعيه أنه يجبر بخاطري، وتعبي ميضعش تعب أمي عليا، أنا عارف أنه مش هيظلمني وهيراضيني... بس أنا خايف.


بعد شوية لقيت اخويا داخل عليا، كان بيجيب نتيجة استنتها كتير، بصلي شوية وعيونه قالتلي الكلام إللي هو مش قادر يقوله، شوفت في عنيه قهره ووجع خلوني ضحكت بغلب.

_ كنت حاسس

  = حاسس بأيه

_ الجواب باين من عنوانه، قول 

= أنت مؤمن بالله وعارف إن ربنا بيدي كل واحد رزقه وبوقته، ويمكن ده مش وقتك، بس أنت هتحاول تاني ويمكن المحاولة دي تبقى مع وقت توزيع رزقك،


بصتله بعيون مليانة دموع وأنا بردد كلمة واحدة بس " الحمدلله الحمدلله" وبعدين بصيت للسما تاني ودموعي بتنزل

_ أنا عارف أنك هتجبر بخاطري، عارف أنك هتراضيني وهتعوض وجعي بفرح، أنا راضي والله، راضي إن امي تموت قدام عنيا، راضي إن رجلي تتبتر في الحادثة، راضي إني متخرجش السنادي واحقق حلم أمي، راضي وحامدك والله بس أنا خايف أوي، خايف اجي في مرة رضايا يقل أو يبقى رضا ظاهري بس، طيب لو ده هيحصل موتني قبلها، خدني ليك وأنا راضي وأنت راضي عني.


بصيت لاخويا تاني إللي كان بيعيط هو كمان وفجأة لقيته حضني جامد اوي، حسيته عايز يحميني من العالم كله، هو إللي رباني بعد وفاة أبويا إللي مشوفتوش، أنا ممتن ليه بحياتي.

_ متقلقش ... أنا قوي


عدا يوم ورا التاني وأنا مش عارف أعمل أي، كل حياتي باظت، كل حاجة ضاعت، كنت قاعد بفكر يمكن ده ذنب حد يمكن أنا اذيت حد وده جزاتي، بصيت كعادتي للسما وعيني بتدمع

_ اللهم إن كنت ظلمت نفسًا فسامحني واغفر لي فلا يغفر الذنوب إلا أنت، اللهم إني خرجت من حولي وقوتي إلى حولك وقوتك فأفرج عني كربي فلا حيلة لدي.


_ علي يا علي، فوق يا علي

= أمي، أنت هنا

_ أنا دايمًا معاك يا علي، مالك يا حبيبي

= تعباان، تعبان اوي يا أمي، حياتي كلها بتتدمر

_ لأ يا علي لأ يا بني متستسلمش كدا قوم يا علي قوم روح لربنا يابني واشكيله همك وهو هينور بصيرتك يابني، ده رحيم أوي بعباده يا علي

= طب أمي أنتِ راحة فين، متبعديش استني أنا محتاجك أنا محتاج حضنك أوي، أمي

قمت من النوم مفزوع وأنا بنده على أمي بس ملقتهاش، مفيش حاجة موجودة منها غير ريحتها إللي محوطاني

قومت سندت على عكازي وروحت اتوضيت واترميت بين ايد ربنا وأنا بعيط وبشكيله، وبطلب منه يدلني، أنا تايه.

خلصت صلاة وقعدت في البلكونة، لقيت اخويا دخلي وشكله مهموم

_ مالك

= دار الأيتام إللي ورا المسجد صاحب الأرض عايزها وعايز يطرد الاطفال ويهد الدار ويبني مجمع سكني أو عايز تمنها والناس ممعهاش تمنها، صعبان عليا العيال الصغيرة دول


_ تمنها كام 

= ليه

_قولي بس 

بعد ما قالي تمنها، والحمدلله نفس المبلغ إللي معايا إللي كنت محوشه ومنايا أعمل بيه عملية أمي، سبحانك يارب مقدرتش أعمل حاجة لأمي وانقذها بس خلتني أكون السبب إني انقذ اطفال ملهاش ذنب في الدنيا غير أنها اتولدت وسط ناس اتنزع من قلوبهم الرحمة


بعد ما اديت الفلوس لصاحب الأرض والدار متهدتش بقيت بروح كل يوم أقعد مع الأطفال إللي هناك، قدروا ببرائتهم يطبطبوا على جروحي، بقت دنيتي مليانة بوجودهم، وعدت الأيام والشهور واتخرجت من الجامعه وفتحت مشروع صغير وكنت بمكسبه بجدد حاجة في الدار كل فترة

واكتشفت أهم حاجة، أن الجبر ساعات كتير بيبقى على هيئة مداواه لوجعنا، وأنا جبري كان الأطفال دول، ملوا حياتي ونسوني جروحي، خلوني رجعت اضحك تاني واحب الدنيا، وده كان أحلى جبر بعد صبر.


_ منة أمرالله

إرسال تعليق

أحدث أقدم