كان جالسًا بجوار أحد الأنهار الجارية ينظر لمكان تواجد القمر، ظل ساكنًا قليلًا ثم بدأ حديثه للقمر وهو يقول: أتعلم يا قمر، أنتَ غريبٌ جدًا.. لن تسأل لِمَ؛ لذا سأجيبك.
يُشَّبِهُ الأحباء محبوباتهم بك وهم يعلمون أنك جسمٌ معتمٌ في الأساس، وما نورك إلا انعكاس، ورغم ذلك أنت جميل.. نراكَ جميلًا.
أدركتُ أنك كذلك، فبدُوَت كالطاووس بالضبط، تغترُ علينا بجمالك، وتجوب الأرض شرقًا وغربًا تظهره للجميع، الجميع يتأملك بما فيهم أنا، لكني لا اتأملك لجمالك صدقني لا.. كل ما في الأمر أنك تجلس في مكانها، وأنا لا أراك، لم أكن أراك، فضوءها حجب الرؤيا عن كل شيء، سمعتُ عن وجودك كثيرًا وربما لم ألتقي بك إلا كما ترى في مشيبي، رجلًا عجوز.. إلا أنها ورغم حديث الجميع عنك أجمل منك بدرجات، لها ضوءٌ وليست مثلك يا قمر، جعلك الله نورًا، أتستويان؟ لا والله.
كان يومًا ممثالًا لتاريخ اليوم بالضبط الثالث من يونيو، منذُ أحولٍ كثيرة، حين أتت جوهرتي وكنزي لهذه الكرة التي نسكنها، مكانها في الأرض ومكانتها وصلت للسماء، أتحدث عن قمري بالطبع، ذاك الضوء الساطع، أتعلم لن تجد ما يُماثل ضوءه كثيرًا، لقد عشتَ كثيرًا هنا بالطبع وتعلم ذلك، فكما تعلم، من النادر أن تجد شخصًا يشع ضياءً... الضوء جزءٌ لا يتجزأ منه ومركزه يكمن في أخلاقه، أشياءٌ نادرة هذه الأيام.
دائمًا تجد مصنفات الأحجار مختلفة وباختلافها تختلف مدى ندارتها.
هناك الفحم والكربون، تجدهم كثيرًا هنا ملقون كالقمامة في كل مكان لا تقلق رغم مكانتهم العالية في عالم الصناعة إلا أنهم غير مميزين.
تجد البعض الآخر من الأحجار، جميل.. مُلهم.. لكنه يبقى حجر، حجر رُخام، تختلف قيمته باختلاف الفنان الذي زاره، لكنه يبقى في كينونته رُخام، وربما تتشوه زينته إن بُدل الفنان، هو قابل للتغير في أغلب الأحيان.. ليس نادرًا وليس متوفرًا بوفرة رهيبة، وهنا أقصد أفضلهم.
كثيرٌ مِن الأنواع الجميلة والنفيسة، معادن مختلفة يجسدها البشر، إلا أن قمري من القلة التي أستطاع أن يجسد الياقوت، جسدًا وروحًا، هذا النوع جميلٌ بفطرته جسدًا وروحًا، هذا هو الفرق بينكما يا قمر.
أنت عاكس أضواء، وهي تصدرها، وكلاكما يشتركُ في نفس الصفة، أن ما يشع من نورٍ منكم غير مؤذٍ، بل جميل، جميلٌ فقط.. وكلاكما أسرني بجماله.
#الكاتب_الرمادي
مقتبس من رواية #حرب_باندورا