كانت ذكري بتجهز نفسها قدام المراية، لبست بليزر أسود ولفت الطرحة وخطفت نظرة سريعة علي نفسها، حطت فونها في جيبها وخرجت من أوضتها وهي بتحط نضارة الشمس في الجراب الإسود الخاص بالنضارة، لقت إيناس لسه ماخرجتش وكانت سيبالها مفاتيح العربية فخرجت تستناها في العربية
وصلت للعربية وإبتسمت لإسامة اللي بادلها نفس الإبتسامة وقالها صباح الخير، دوّرت العربية وعلي مسافة مش بعيدة كانت إيناس بتقرب من العربية بخطوات ثابتة، نزلت ذكري وركبت من الجانب التاني وسابت السواقة لإيناس
خرجوا من الڤيلا ووصلوا للكلية وبدأوا محاضراتهم، حسّت ذكري إن إيناس مش مركزة علي غير العادة، خبطتها في كتفها وبنظرة مستفهمة سألتها مالك من غير ما تتكلم، إبتسمت إيناس بإقتضاب وبصت للدكتور من غير ما تتكلم هي التانية بس الإستغراب إعتلي وش ذكري
إنتهت المحاضرة وخرجوا من المدرج، مسكت ذكري إيد إيناس ووقفوا في مكان هادي بعيد عن عيون اللي حواليهم
ذكري "في إيه!"
ردت إيناس "في إيه في إيه!"
ذكري "إنتِ فهماني، وجاوبي علي سؤالي"
بصت ذكري في عيونها وثبتتها عليها لثواني
دمّعت عيون إيناس كأنها كانت مستنية حد يسألها مالك، ماتكلمتش، فأخدتها ذكري من إيدها وخرجوا برا الكلية، ركبتها العربية وقفلت إزاز العربية وبصتلها بإيماءة إنها تحكي
إتنهدت إيناس وقالت "حمزة مبقاش عاجبني، بقي بيتهرب مني كل ما أجبله سيرة المشروع، بابا رافض حمزة ومافيش حل غير إنه يحقق حاجة تخليه في نظر بابا شخص ناجح، وحمزة مقتنع إنه هايفشل ومش عايز ياخد خطوة في حاجة"
كانت ذكري بتسمعها بتركيز فكملت إيناس "أهلي مش حاسين إن فرحتي متعلقة بيه وكل ما أفاتحهم في الموضوع بيحسسوني إني بعطلهم عن شغلهم، مابيكلفوش نفسهم حتي يسألوني مالك أو إيه الجديد في حياتي، روحت لماما وشرحتلها قد أنا هابقي فرحانة ومبسوطة لو إتجوزت حمزة بس ماما ماحستش بيا، كل اللي قالتهولي إنهم عارفين مصلحتي"
كملت بمنتهي الضعف "هما ليه كدا يا ذكري! أنا حتي بنتهم الوحيدة، متخيلين إن شغلهم هايجبلي كل اللي أنا عايزاه، مع إنهم لو دوروا في اللي انا محتجاه فعلاً هيلاقوا إني مش طالبة غير إنهم يدوني شوية وقت ويفضلوني عن شغلهم ولو مرة"
سندت راسها علي كرسي العربية وقالت "مبقاش عاجبني حالي اللي الكل حاسدني عليه.."
رجعت بصت لذكري وقالت "هما المفروض يحسسوني إني أهم، إني أولي، علي الاقل يسبوني أكمل حياتي مع الشخص اللي بيعوضني عن جفافهم وقلة إهتمامهم"
قبضت ذكري علي شفايفها في يأس، هي مابتعرفش تواسي، فاشلة جدًا في المواساة ، كانت عايزة تحضنها بس ماينفعش، ماينفعش حد يقرب منها او تقرب منه، لُما المهدئ اللي بتاخده كان زمان الامر أسوأ بكتير
حاولت ذكري تخفف عنها فقالت "طيب إيه رأيك نقعد مع حمزة ونشوف أسباب رفضه ونقنعه، كل واحد فينا عنده أسبابه اللي مابيعرفش يقولها صريحة فبيطلعها في الهروب، وهو بيعمل كدا، ولازم نعرف أسبابه او حتي نعرف هو ناوي علي إيه"
اومأت ليها إيناس في إستسلام ورجعت سندت راسها علي الكرسي
مسكت ذكري إيدها وإبتسمت بطمأنينة إن كل حاجو هاتكون بخير، بادلتها إيناس الإبتسامة ورجعت تفكر في كل اللي بيحصل بعيون دبلانة
رجعوا البيت بعد ما خلصوا محاضراتهم، كان علي تلاتة العصر، طلعت إيناس اوضتها وذكري بدأت تكمل باقي شغلها
خلصت ذكري شغلها ودخلت أوضتها، أخدت شاور وخرجت مشطت شعرها وفتحت الدرج خرّجت منه علبه، أخدت حباية مهدئ ووقفت قدام مرايتها وإبتسمت
صوت جواها "حاسة إني بقيت أهدأ، الهروب ساعات بيكون مفيد، مش دايمًا لازم نواجه"
تلاشت إبتسامتها لما أفتكرت إنها في كل الأحوال ماينفعش تقرب حد منها، هي لسه بتعاقب نفسها علي موت الجنين واللي عملته في صاحبتها المقربة، هي قدرت تكون وحشة وماتستحقش شئ حلو، قدرت تأذي وتتصنع وتقسي، قدرت تبعد وتهجر وتكابر، قدرت تذل أبوها وتبكيه وقدرت تبعد عن عالمها لعالم تاني غريب وحست شعور الغربة والوحدة، لسه جواها خايف لتفقد تحكمها في جسمها في أي وقت وساعتها مش هاينفع الندم، هي بعدت عشان متأذيش حد من عيلتها فمش حمل تهجر مكان تاني...
أخدت نفس طويل طلعته وهي بتفتكر خسايرها الكتيرة
دق باب أوضتها فدخلت علبة المهدئ مكانها في الدرج وفتحت الباب، كانت إيناس وعيونها محمرة وشفايفها بترتعش
دخلتها ذكري وقفلت الباب
سألت ذكري بتوتر "مالك، إيه حصل"
ردت إيناس بعد ما قعدت علي السرير ودفنت راسها بين إيديها "عايزة أقابل حمزة دلوقتي حالاً، لازم أقابله، كلمته من شوية في الفون وقالي إنه هاينهي كل اللي بينا وإن كلام جدته صح، انا عايزة أقابله يا ذكري"
سكتت ذكري، بصت للساعة لقيتها ١ بالليل وهما في الشتا، بصت إيناس لذكري لقتها ساكتة
وقفت إيناس وقربت من ذكري وقالت بترجي "أرجوكي يا ذكري ساعديني أخرج دلوقتي، أنا قلبي مقهور، حاسة إن دمي بيغلي وفي وجع في قلبي مش قادرة أستحمله لبكرا الصبح، أنا لو نمت دلوقتي ممكن تحصلي حاجة" عيطت إيناس بحرقة
كانت عيونها بتترجي ذكري وذكري مش عارفة تعمل إيه! ماكنش هاممها عقاب هي مبتخافش ولا باقية علي حاجة بس كانت بتفكر إزاي تخرج في الوقت دا من غير ما حد يحس
قالت ذكري وهي بتحاول تقنعها "أهدي طيب، أوعدك هانصحي الساعة ٧ ونروحله بس دلوقتي ماينفعش تخرجي بالشكل دا، وكمان غلط تروحيله بيته في الوقت دا"
"لا لا" قالتها وهي بتبعد عنها وبتعيط
جرت ناحية الباب وحطت إيدها علي الأكورة وهي بتقول "انا لازم أروحله، إزاي يوجعلي قلبي كدا"
لحقتها ذكري "هاجي معاكي خلاص"
بصتلها إيناس فكملت ذكري بنفاذ صبر "مش هانطلع من هنا بشكلك دا، إدخلي أغسلي وشك وأهدي... ها أهدي"
حست ذكري إن إيناس في حالة صدمة ورفضها مش هايفيد بحاجة، دخلتها الحمام تغسل وشها وراحت ذكري ناحية دولابها تغير لبسها
خرجت ذكري ووراها إيناس، فتحوا باب الڤيلا الخلفي وقدروا يخرجوا عن طريق المخزن اللي دخله أسامة قبل كدا، وزي ما توقعت ذكري كان في حارس متجول في الجنينة وبواب علي باب الڤيلا الخارجي
قالت ذكري بهمس "حظنا هايكون حلو لو لقينا أسامة سهران، غير كدا مش هانخرج بسهولة"
إلتفتت ذكري علي أسامة مالقتوش تحت الشجرة كعادته
بصت ذكري لإيناس وقالت "الحارس اللي واقف دا مسؤوليتك إنتِ، شوفي هاتقوليله إيه!"
عقدت إيناس حاجبها وقالت "هاقوله إيه يعني، إنتِ قوليلي أعمل إيه وأنا هاعمل وبعدين انا مش قادرة أفكر دلوقتي"
"دا علي أساس كنتي بتفكري قبل كدا"
كملت كلامها "أعملي نفسك تعبانة"
ردت إيناس "ما انا تعبانة فعلاً يا ذكري وحالتي هباب قدامك أهو"
"أه صح" قالتها ذكري وهي بتحك دقنها
كملت "هو المفروض انا اللي أعمل نفسي تعبانة، وهانقول للحارس إن اسامة هاييجي معايا المستشفي عشان الحارس مش هايسبني أخرج لوحدي، أنا مش مهمة للحارس زي ما إنتِ ما مهمة، هاسيبك تخرجي اه بس هايبلغ بباكي، فإحنا هانخرج وإنتي شوفي هاتيجي ورانا إزاي"
"لا والله!"
فكرت ذكري شوية وبعدين قالت "انا عندي فكرة، أنا هالهي الحارس وأسامة هايلهي البواب وإنتي أخرجي من غير ما ياخدوا بالهم"
"تمام"
عدلت ذكري لياقة قميصها وحمحمت، بعدين خرجت للحارس وهي ماسكة بطنها وراسها وبتمشي ببطء
سأل الحارس بحزم وإستغراب "حضرتك رايحة فين"
ردت ذكري وهي لسه حاطة إيدها علي بطنها "قرب ودنك"
إستغرب الحارس فقالت ذكري "قرب ودنك بس"
قرب ودنه فإتصنعت التعب وهمست في ودنه بطريقة مثيرة "عندي عذر شهري والمسكن اللي معايا خلص ومش قادرة أستحمل التعب"
حمحم الحارس ووشه إحمر وقالها وهو بيبص للارض "هاخلي البواب يطلع يجبلك، قوليلي إسم المسكن"
شاورتله ذكري بإنه يميل راسه تاني، كانت بتتكلم بطريقة مثيرة وأنوثية تصنعتها بشكل كويس جدًا
ميل راسه فقربت بوئها من ودنه وقالت بهمس "ما أنا مش عايزة برشام، أنا عايزة حاجة تانية" وبصتله بنظرة مستعطفة
كانت في الوقت دا إيناس بتتسحب من وراه وإستخبت ورا الشجرة اللي متعود أسامة يقعد تحتها
حس الحارس إنه إبتدأ يحس بشعور مش طبيعي فقالها تمشي بعد ما عرفته إنها هتاخد أسامة معاها عشان قالها ماينفعش تخرج لوحدها في الوقت دا
مشت من قدامه وهي بتقول في سرها "هو في حد سامعنا عشان يسبني أهمسله ، الرجالة دول أغبية بشكل"
وصلت لأسامة وشاور الحارس للبواب بإنه يسيبها تطلع ورجع مكانه، دخلت أوضة أسامة ونادت بصوت هادي "أسامة، أصحي" ماستجبش ليها فهزته في كتفه، ماستجبش ليها زقته أجمد شوية، ماستجبش، فصقفت بإيدها الإتنين جنب ودنه
صحي من النوم مخضوض فلقاها في وشه راح إبتسم ببلاهة
قالت إيناس "إحنا هانخرج دلوقتي ومتسألنيش عشان إيه، إنت قوم كلم البواب في أي حاجة وألهيه عبال ما اخلي إيناس تخرج من الباب، تمام!"
ردت أسامة "مش فاهم حاجة!"
"يبقي تمام إن شاء الله" وشدته من إيده
لحق اخد الجاكيت معاه وخرج وهو بيلبس الجاكيت، شاور البواب لذكري تخرج عشان يقفل الباب
بصت ذكري لأسامة إنه يتكلم ويقول أي حاجة، إنتبه اسامة وبص للبواب لثواني بيفكر في حاجة يقولها
فضل ساكت فبصتله ذكري جامد والبواب واقف مش فاهم حاجة
"إزيك عامل إيه!" مد إيده للبواب يسلم عليه، خبطت ذكري بإيدها علي راسها وحاولت تتمالك نفسها
بصله البواب بنظرة مش ولا بد وماسلمش عليه
شده أسامة من إيده وهو بيقول "وأنا نايم إنهاردة شوفت عش صراصير تحت السرير تعالي أورهولك" وقدر يلفت نظر البواب بعيد عن الباب
إنتهزت إيناس الفرصة لأنها كانت متبعاهم وخرجت جري برا الباب وخرجت وراها ذكري، بص عليهم أسامة لقاهم جروا وسابوه
بص للبواب وقال "بص لما ارجع أبقي اورهولك، الصراصير شكلها نايمة دلوقتي" وسابه ومشي
إتلموا كلهم علي الطريق مستنيين أي تاكسي يعدي
عدي عشر دقايق وهما لسه واقفين
قالت ذكري موجهة كلامها لإيناس "لو مركبناش وقضينا مشوارنا أنا هندم علي اللي قولته للحارس"
سأل أسامة بفضول "قولتي إيه للحارس"
بصت ذكري حواليها في خجل، انقذ الموقف تاكسي عدي، ركبوا فيه وقالتله إيناس علي العنوان
وصلوا لعمارة حمزة، طلعوا علي السلم بهدوء وخبطت علي شقته، فتح حمزة الباب سريعًا علي عكس ما كانوا متوقعين إنه نايم، كانت عيونه هو كمان محمرة ولسه بهدوم شغله، قميصه مفتوح وشعره مش مترتب ووشه باهت وأصفر
وقع نظره علي إيناس فثبت نظره عليها بتعابير تايهه كأنه في عالم تاني، نزلت دمعة من عيون إيناس وهي بتبص في عينيه
في أوضة حمزة
قعد حمزة وهو باصص للأرض مابيتكلمش، أسامة مش فاهم حاجة فواقف متابع بنظراته الموقف، ذكري كانت بتشجع نفسها تتكلم وتفتح مجال إنهم يتناقشوا
قالت ذكري قاطعة بكلامها الصمت الهادي "إيناس جاية تسمعك يا حمزة، أظن الفون والرسايل مش هيجاوبوا علي كل الاسئلة اللي بنسألها، عشان كدا إيناس جات تقعد معاك وتسمعك وتديك فرصة"
مازال حمزة باصص في الأرض، قعدت قدامه إيناس علي ركبتها ومسكت إيده
باست باطن إيده وحطت إيده علي خدها وباستها مرة تانية
قالت بدمعة متطرفة في عيونها "أنا عارفة إنك عمرك ما هاتبعني، عارفة وواثقة ومش محتاجة حاجة تثبتلي، إيه حصل خلاك تقولي نبعد في الفون"
بصلها وماتكلمش، ركز في عيونها ونزلت دمعة من عينه، هي عارفة حمزة كويس، عرفاه أكتر من نفسها
قالت إيناس "مسمحاك، أي حاجة ممكن تعملها دلوقتي مسمحاك عليها بس إتكلم وقولي في إيه، أنا مش جاية أسمعك وأمشي، أنا مش هامشي يا حمزة مهما يحصل، أنا بحبك" بصتله بمنتهي الضعف كأن عيونها بتطلب منه يقولها أي كلمة تراضي قلبها
عيط حمزة ونزلت دموعه علي إيدها، قعدت جنبه، لفت راسه بإيدها وقربته من صدرها
همست ذكري لأسامة إنهم يخرجوا، خرجوا وقفلوا الباب وراهم
باست راسه وقالت "أنا هنا يا حبيبي، أنا معاك، مش هامشي حتي لو إنت طلبت دا"
لف إيده حوالين خصرها وضمها ليه وتبت فيها
همست في ودنه تطمنه "أنا هنا"
عدي أزيد من نص ساعة وأيناس بتمسد شعره في نفس الوضع، هدي شوية ونام في حضنها، حركت جسمها شوية ونيمته علي السرير وخرجت
كان أسامة قاعد يضحك مع جدة حمزة وذكري متابعة حديثهم بنظراتها لأسامة، في كام دقيقة خلي الست تعتبره إبنها وتضحك معاه ب ود ومعزة، كانت ذكري مستغربة من قدرته علي إنه... إنه كدا
قعدت إيناس جنب الجدة وقالت بفتور وحزن "ماله يا تيته"
ركزت الجدة في ملامح إيناس، لمست خدها وقالت "جميلة يا إيناس زي ما حمزة بيقعد يحكيلي عنك، مش بيبطل كلام عنك" ضحكت
قامت من مكانها وإتجهت ناحية التليفزيون، شالت الغطا القماش اللي كان مغطي ريسيفر التليفزيون وقالت "كان معاه قلم أسود فلومستر فكتب إسمك علي الريسيفر، ويومها دبيت خناقة فيه، إسمك مكتوب كدا اديله بالظبط سنة وشهر"
ضحكت إيناس بس نظراتها كانت كلها خوف وقلق عليه، سألت إيناس "إيه حصل خلاه يقولي نبعد"
"إنهاردة قالي إنه رايح عند أهله، إستغربت ومنعته، كنت عارفة إن كل دا هايحصل، بس قالي إن عيد ميلادك قرب وإنه لما يقولك إنه أتصالح علي اهله هاتفرحي جدًا لإنك من زمان بتطلبي منه يروح عندهم، حاولت معاه مارضيش، كان رايحلهم عشانك، وجه بالحال اللي إنتِ شيفاه دا"
بصت إيناس لذكري، ذكري مش فاهمة كلام الجدة بس إيناس فهماه كويس
قامت فتحت أوضة حمزة بصت عليه وهو نايم، كانت بتتمني تفضل معاه، إطمنت عليه قبل ما تاخد بعضها وتمشي، مشي وراها ذكري وأسامة
#يتبع
#قلب_ذكري
#الحلقة_السادسة
لـ أميمة عبدالله
الوسوم:
قلب ذكرى