قلب ذكرى - الحلقة الخامسة

 أخد رشفة من عصير المانجا وقاله "وإنت بقي إسمك إيه!"

رد عليه وقال "شريف"

"اكيد والدك شرحلك النظام هنا ماشي إزاي" 

رد شريف بحماس "أه اكيد" 

تابع الشخص كلامه وقال "وأنا مش هاضيف حاجة جديدة، تقدر تستلم الشغل وقت ماتحب، التحذير الوحيد اللي ممكن أقولهولك إن البيه مابيحبش اللي يرفع عينه في عنيه، ماتفكرش حتي تعملها لإن الثانية اللي بعدها هاتكون مطرود، حاضر ونعم وإنت صح حتي لو الكلام مش داخل دماغك ومش عاجبك، متحاولش تبرر أو تقنعه بوجهه نظرك، هو فوق الكل، مفهوم!" 

رد شريف بتوتر "أه فاهم، ماتقلقش من الحته دي، كل واحد بيحافظ علي لقمة عيشه وغبي اللي يضيعها" 

إبتسم الشخص وقال "إنت كدا عجبتني" 

إستأذن الشخص ودخل الڤيلا وشريف خرج برا الڤيلا يقعد علي أي قهوة تقابله، هايستلم الشغل بكرا بالكتير، مفرقش معاه كلام الأستاذ اللي قابله، هو ماحسش بأي حاجة إتحركت جواه، لا كرامة نقحت عليه ولا حس بفرق معاملة، هو بيتأقلم علي أي وضع بيتحط فيه حتي لو هاينزل من درجة إنسان لحيوان أليف

طلع تليفونه وكلم أسامة، اطمن عليه وعرفه إنه هايستلم شغل بكرا، وإنه حب المكان وكمان المرتب كويس 

------------------

كانت ذكري بترتب المطبخ كعادتها لما أسامة كان قاعد تحت الشجرة في الجنينة، نفس المكان اللي لمحته منه أخر مرة، ماجذبش إنتباهها علي عكس ما كان هو متابعها بنظراته، ماكنش عارف ليه عنده فضول يركز مع كل حاجة فيها، فضوله كان واخده ناحيتها بشكل غريب، يمكن لكونها هي ذات نفسها غريبة

طلع تليفونه ورن علي أخته، جه صوتها علي الناحية التانية "وحشتني أوي يا أسامة، ماكنتش أعرف إني هتوحشك كدا" 

رد اسامة بإبتسامة "أي دا اول مرة أسمع منك جملة عدلة، عالطول بتتخانقي فيا، عاملة إيه وأمك عاملة إيه" 

"أمك بخير، قلقانة عليك أوي وكل شوية تقولي رني عليه، المهم قولي عامل إيه في الشغل دا، بيعاملوك حلو" 

"إنهاردة كان أول يوم ليا، ماشوفتنيش إنتِ وانا لابس اليونيفورم والكاب، حاجة كدا مهند ولا توم كروز في نفسي" 

ضحكت أخته وبعدين قالت "سيد الرجالة في نظري من غير أي حاجة والله" 

"لا والله، وهشام راح فين! ولا هانعملهم علي بعض" قالها بسخرية وضحك 

حس إنه أخته إتكسفت فتابع "ربنا يديني الصحة وأجهزك وهاخليكي أحلي عروسة، أول ما أنزل إن شاء الله هاديله معاد ييجي يقابلني وشوفيلي جمعية حلوة كدا عشان أجبلك الأجهزة الكهربائية مرة واحدة" 

ردت بفرحة وصل إحساسها لأسامة "بجد يا أسامة، بحق بتتكلم جد" 

"لا بهزر، هاقعدك جنبي العمر كله، مع إني عايز بس أهي سنة الحياة" 

"ربنا يخليك ليا، مع إنك اكتر حد بيتخانق فيا وبيهزقني بس قلبي مشالش ليك غير كل محبة" قالتها بطريقة درامية فتابع أسامة "هاجوزهولك والله، بدال ما أشيل ذنبك طول العمر وتفضلي تدعي عليا" 

"ولا عمري أعملها وإنت عارف كدا"

"طب أديني أمك أسلم عليها" 

بعد تلت دقايق كان حاطط التليفون في جيبه، بص لذكري اللي كانت مشغولة في حاجة واخدة كل تركيزها في المطبخ، كان متردد من الخطوة دي جدًا بس فضوله كان بيشد جسمه، وقف ونفض هدومه ومشي ناحية شباك المطبخ

كانت ذكري بالفعل باصة بتركيز لحاجة قدامها، حمحم أسامة ف مانتبهتش ذكري، حمحم مرة اخري ف إلتفتت لمصدر الصوت، لقت أسامة واقف ورا الشباك، عقدت حاجبها في إستغراب وبصتله بنظرة مستفهمة 

قال أسامة بخجل "بتعملي إيه!" 

دارت وشها عنه ورجعت تبص قدامها وهي بتقول في جمود "بعمل قهوة" 

رد أسامة "أنا بعمل قهوة حلوة جدًا علي فكرة، لو سمحت الفرصة في مرة هادوقهالك من إيدي" بانت اسنانه مع الإبتسامة

رمقته بنص عين وبعدين عدّلت راسها ناحيته وصبّت كل تركيزها علي ملامحه، قالت بطريقة فظة "مش هاتسمح الفرصة ليا وليك، لإن إحنا الإتنين بعاد اوي علي إن الصدف تجمعنا" 

كان أسامة محافظ علي إبتسامته، ظن إنها بتناقشه فقال "الصدف بتجمع الأغراب دايمًا وإحنا الإتنين أغراب عن بعض" 

أخدت ذكري رشفة من القهوة وقالت من غير ما تلتفتله "حتي الفرص بتقيّم الأغراب، مش أي أغراب بيتلاقوا" 

بدأت إبتسامة أسامة تتلاشي وقال "بمعني!" 

قالت ذكري وهي بتدوس علي كُبس النور "يعني متحاولش مع غريب مايشبهلكش" ومشيت 

حس أسامة إنه ماكنش ينفع يتكلم معاها، هي شيفاه أقل منها وهو بالفعل كدا، بس ليه حتي الكلام لازمله ناس تشبه بعض، الونس موجود بين الأخرس والأعمي، الونس مرتبط بروحين مهما أختلفوا من برا!.. 

رجع مكانه تحت الشجرة وهو بيفكر في أخته وإزاي هايكفي جهازها في سنة واحدة بس

دخلت ذكري أوضتها، شربت قهوتها وفتحت الدرج طلعت منه علبة فيها حبّات مهدئ، اخدت منهم واحدة وشربت ماية، شغلت موسيقي هادية علي فونها وغمضت عينها 

جه الصبح وجه معاه صوت حمزة لجدته "إنتِ بتحبي إيناس صح! ليه دايمًا مقلقاني منها" 

ردت جدته بثقة "لإن الحياة مش رمادي كدا، يابني الحب حاجة والجواز والمسؤولية حاجة تانية، ويوم ماتتقدملها أبوها هايبص لحاجات أهم مش إنك بتحبها وهي بتحبك وليكم قد إيه مع بعض" 

قال بهزار "عارفة إنتِ لو دعتيلنا وبطلتي توقفي المراكب السايرة هانتجوز ونجبلك نونو صغير" 

أخدت جدته تنهيدة وطلعتها بتعابير وش عابسة 

قرب منها حمزة وقال "الحياة حلوة يا تيتة، إذيك ياعمي انا طالب إيد بنتك وأديلي اكتر من سنة ونص بحبها وبحوش كل قرش عشانها وإنت مش هتلاقي حد يخاف عليها قدي" 

ضحك حمزة وهو بيمسك إيد جدته وتابع "ومبروك ومأذون وكتب كتاب وفرح وزغروطة حلوة منك" دفن راسه بين إيد جدته وقال "أنا بحبها أوي يا تيتة، أكتر من أي حاجة، حاسس إن عوضي كله فيها" رفع راسه وهو بيقول "إنتِ ماتعرفيش هي بتعمل إيه عشاني، تخيلي بتشيل مصروفها وتحوش..." 

قالت جدته في يأس "ابوها مش هايبص لكل دا صدقني" 

انتهت من جملتها لتتفاجئ بحمزة واقف قدامها وعلي وشه كل علامات الغضب، قال بنبرة صوت مرتفعة في وش جدته "كل ما أكلمك تقوليلي ابوها هايرفضني، كل ما أقول هانت تقفليلي كل البيبان في وشي، ليه بتعملي كدا! أنا بقيت حاسس إنك بتتمنيلي كسرة القلب" 

إتسنّدت جدته علي الكرسي عشان تقوم وهي بتقول "والله ما قصدي يا حمزة، أنا خايفة عليك من العشم الزايد في الناس، خايفة عليك يابني من قسوة الواقع وتفكير البشر" 

رد عليها بنفس نبرة الصوت المرتفعة "أنا مش هاجبلك سيرتها تاني ولا هاكلمك عن حاجة بحبها تاني، إنتِ ليه شايفة إن كل الناس وحشة وليه دايمًا بتتوقعيلي الأسوأ..." سكت وبعد ثواني قال "إنتِ ليه مش بتحبيلي الخير" 

سابها وفتح باب الشقة ورزعه وراه، قعدت الجدة مكانها وبيرن في ودنها جملة "إنتِ ليه مش بتحبيلي الخير" نزلت دمعة من عينها..... بعدها دموع

طلع حمزة تليفونه وإتصل علي إيناس وطلب منها تقابله ضروري! 

------------

كانت مترددة بس فتحت تليفونها وكتبت رقمه ورنت، بس قفلت المكالمة سريعًا، غمضت عيونها وشجعت نفسها من جواها وبعدين رنت تاني 

إرتفعت نبضات قلبها بشدة لما جه صوته "ألو" 

ردت بإرتباك "إزيك!" 

"مين!" 

"ذكري" 

"يخربيتك أختفيتي فين، سمعت إنك هربتي من البيت" 

"متابع الأخبار إنت يعني!" 

"واحدة من أصحابنا قالت صدفة وسط الكلام، المهم هربتي ليه ياست الحسن والجمال" 

"مالكش دعوه، انت عامل ايه ومبروك علي كلية طب" 

"جات متأخر شوية بس ملحوقة، الله يبارك فيكي يا صديقي، أخبارك إنتِ" 

"بخير الحمدلله" 

ساد السكوت بينهم، جواها بيتألم بس قالت بنبرة عادية "حياتك ماشية ازاي" 

"عادية والله مفهاش جديد" 

"طب إحلف" قالتها بطريقة طفولية جدًا خلت كرم يضحك

"والله يابنتي ما في حاجة جديدة إلا إني إرتبطت وكدا، واللي إرتبطت بيها إنتِ عرفاها" وضحك بمراوغة

السكوت المرادي كان في قلبها، الهدوء المؤلم كان في قلبها، غمضت عينها وحبست دموعها، أخدت تنهيدة كبيرة بس من جواها

عدلت نبرة صوتها وقالت بفرحة "وانا أخر من يعلم لا مش مسمحاك، بس ألف مبروك، فرحتلك مع إنها جابته لنفسها البت دي" 

"والله معاكي حق دا انا مكفرها في عيشتها بس مستحملة وبتحبني، مش زي ناس كانت بتعلقلي علي الواحدة" 

ردت ذكري باكتر نبرة طفولية وقالت "علي فكرة بقي أنا كنت بعلقلك علي الواحدة عشان كنت بحبك وكل حاجة بتعملها تخصني ويومي مابيكملش غير لما أنكشك بخناقة، وعلي فكرة كمان لو هاتقيس مين إستحمل فأنا إستحملتلك أكتر من أمك ذات نفسها، أنا عديت معاك بحاجات كتير صعبة في الوقت اللي كنت فيه اكتر شخص وحش، النسخة الجديدة بتاعتك الحلوة دي أنا اللي عدلت فيها عشان تكون كدا، أنا قابلتك وإنت واقع ويوم ما وقفت علي رجلك سندت علي رقبتي فخنقتني"

"بس بس أهدي، ماسورة وإتفتحت، يخربيتك" وضحك

كان هايكمل كلامه بس جه صوت شهيق عياط، كانت هي، قالت بتشنج "علي فكرة أنا اكتر حد أستحملك واكتر حد لسه بيشوفك عظيم مع إنك جيت عليه، أنا اكتر حد حبّك وماعرفش يأذيك زي ما أذي الباقي" زاد شهيق عياطها كإنها ماصدقت قلّبت في الماضي عشان ترمي أذيته بشوية عياط وكلام ماكنتش تتمني تقوله لشخص باعها عشان مايحسش بضعفها

ساد الصمت بينهم من جديد، ذكري مش قادرة توقف عياط وهو ساكت مابيتكلمش، قفلت ذكري المكالمة وأخدت حباية مهدئ وغمضت عينها بتحاول تهرب من حاجة جواها

-----------------

في الڤيلا خبطت إيناس علي أوضة بالطابق التاني

جه صوت تخين من جوه "إدخلي" 

دخلت إيناس، كانت مامتها ماسكة فونها ومركزة معاه وباباها بيسمع ماتش علي الشاشة 

حمحمت إيناس وبعدين قالت "كنت عايزة افاتحكم في موضوع كدا" 

قال الأب وهو منتبه مع الشاشة "إحكي" 

وأضافت أمها اللي طلبت من إيناس تنادي ذكري من تحت

نادت إيناس ذكري ورجعت وقفت مكانها وقالت "في شخص حابب يتقدملي، وعايز ياخد ميعاد من حضرتك" 

رد الاب بعد ما لفت نظره عليها "مين دا" 

قالت إيناس بتردد بتحاول تجمع الكلام "إسمه حمزة وشغال شغلانة علي القد كدا بس بيقبض منها كويس، وبالليل بيشتغل شغلانة تانية تساعد معاه، هو واخد دبلوم بس مثقف جدًا، أحيانًا يعني مش دايمًا صراحة، وبيحبني جدًا وهو كويس ومحترم.... وأنا كمان يعني... بحبه" وبصت في الارض من الخجل

قالت أمها "يعني إيه شغلانة علي القد؟!" 

ردت إيناس وهي بتفرك صوابعها ببعض "بيشتغل في مصنع حديد وصلب، شغال هناك إشراف، ومرتبه بيوصل للتلت ألاف" 

رد أبوها بسخرية "مرتب بواب عندي يعني"

ماردتش إيناس، كانت مستنية رأي ابوها اللي رجع إنشغل مع الماتش تاني، في الوقت دا دخلت ذكري، فطلبت منها أم إيناس تجهزلها طبق سلطة عشان الدايت

قالت إيناس بترقب "قولت إيه يبابا" 

رد أبوها بنفاذ صبر "ردي باين علي وشي مش محتاج أقوله، أعرفي قيمتك يا إيناس، إنتِ لو عرفتي قيمتك كويس مش هاتقفي الواقفة دي تاني" 

ردت إيناس بشئ من اليأس "بس أنا بحبه... وهو بيحبني" 

رد أبوها "عادي، كلنا بنحب بعض بس مش بنعيش غير مع اللي يناسبنا ودا مش هيناسبك" 

بصتله بعيون راجيتين، فقالها وهو بيقفل الشاشة "إعرفي قيمتك يا إيناس والكلام في الموضوع دا منهي" 

خرجت إيناس بعد ما فشلت في إنها تكلمه أكتر من كدا، كانت الدموع علي خدها وعيونها محمرة لما رن حمزة وهي في اوضتها 

"ها يا إيناس عملتي إيه! ابوكي قالك إيه" 

مسحت إيناس دموعها وعدلت من نبرة صوتها "قال إني لسه صغيرة وإنه هايتكلم معايا في الموضوع دا لما يحس إنه وقته حان" 

"طب قولتيله أي حاجة عني" 

"أه قولتله وقالي لو قدر يحقق حاجة في الفترة الجاية ويثبت جدارته ويكون ليه مركز هيوافق عليك" 

"مش فاهم" 

"يعني قدامنا تلت سنين يا حمزة، في التلت سنين دول حاول تبقي حاجة كبيرة، عشان مايكنش عنده حجة يرفض" 

"هاكون حاجة كبيرة إزاي" سكت، قال بعد دقيقة "ربنا ييسر الامور من عنده، اهم حاجة انه مرفضش كدا من الباب للتار وعطاني فرصة، انا هحاول" 

"انا جاتلي فكرة، إيه رأيك بالفلوس اللي حوشناها عشان الشقة تفتح بيها مشروع وان شاء الله يكبر وتكون حققت حاجة" 

"وأفرض فشل، أكون ضيعت فلوس شقايا في الهوا" 

"وأفرض نجح، هاتكون حققت الشرط اللي بابا حطه" 

"لا يا إيناس مش هجازف، أنا هافكر في فكرة تانية، أي حاجة غير فلوس الشقة اللي اساسا لسه بجمع عليها" 

"مافيش حل تاني غير دا، هاتجيبها يمين هاتجيبها شمال مافيش غير الحل دا" 

"طيب هافتح مشروع في إيه!" 

"هات ورقة وقلم وتعالي نفكر" 

---------------------

الساعة ١١ بالليل، تحت شجرة كان قاعد أسامة ومغطي وشه بالكاب، كان سرحان في اللاشئ، بعد دقايق نزل الكاب من علي وشه فوسعت عيونه من الصدمة 

كانت ذكري قاعدة وضامة رجلها لصدرها وباصة للسما وبينها وبينه مسافة متر

قال اسامة وهو يبتلع لعابة "أستاذة ذكري!" 

ردت ذكري وهي باصة للسما في طمأنينة "القهوة بردت ومش هاعملك تاني" 

كان في صنية محطوط عليها كوبايتين قهوة، هو مش ملاحظ وجودها من مدة كبيرة 

قال أسامة بإستغراب "جيتي من أمتي" 

"من ساعة ما كنت بتغني تحت الكاب كتاب حياتي ياعين" 

أُحرج أسامة وإبتسم بإقتضاب وبص للسما زيها

قال أسامة "النجوم كلها شبه بعض، صعب تلاقي بينهم مختلف" قام وقعد علي مسافة معقولة بينها وحضن رجله لصدره زي ما هي قاعدة 

"أنا أهدا إنهاردة وحاسة إني بخير عن إمبارح، الماضي ماينفعش يتكتم، في حاجات جواك بتتبخر بمجرد ما بتطلع من بوئك" أخدت تنهيدة وسكتت 

قال اسامة وهو باصص للسما "أنا مش فاهم حاجة بس أنا سامعك كويس" 

شاورت ذكري للسما "في إختلاف، نجمتين جنب بعض واحدة فيهم بتلمع والتانية ضوئها خافت" 

سأل اسامة "تفتكري مين بينهم مختلف فعلاً" 

قالت ذكري وهي بتبص للسما بتمعن "أظن المطفية، كلنا بنتخلق بنفس الفطرة، بس تدريجيًا بنختلف عن بعضنا، ودا لأسباب مش بإيدنا، عشان كدا الشخص المثير للفضول هو الشخص اللي حياته مش واضحة ومكتومة

قال أسامة بتفكير "إنتِ صح بس جايز يكون مثير للشفقة" 

أبتسمت ذكري 

إبتسم أسامة علي إبتسامة ذكري وقال "علي فكرة مع إنك نجمة مطفية وحياتك غامضة ومتعجرفة كدا، بس فيكي حاجة لله، ماحدش عارف يكرهك، عندك انا مثلا، إنتِ لسه مهزقاني إمبارح بس ماعرفتش أزعل منك" 

إبتسمت ذكري أكتر فضحك أسامة، لاحظت ذكري إن أسامة عنده غمازة في خده اليمين

مسك أسامة كوباية القهوة وشرب منها 

قالت ذكري "طعمها وحش لإنها بردت" 

"بس من إيدك"

أخد رشفة ورجعوا بصوا للسما 

--------------------

في كافيه في إحدي شوارع شرق النيل 

"أنا مش هجازف بفلوسي ومش موافق علي كل المشاريع اللي إقترحتيها" 

"مش موافق إزاي" 

"أهو كدا، أنا في قبل الجنيه اللي ممكن أخسره في مشروع جايز يفشل"

"الحياة مجازفة ولو فضلت طول عمرك كدا هاتفضل مكانك" 

رد حمزة بتجهم "افضل مكاني أحسن الف مرة من إني أرجع لورا ألف خطوه" 

قالت إيناس معارضة "إنت بتتكلم كأنك ضمنت الفشل في إيدك"

"وهو الفشل مش إحتمال؟!" 

"وكمان النجاح إحتمال، ولو مجازفتش انا هاضيع منك" 

رد حمزة بتحدي "إنتِ بتهدديني!" 

"ياريته كان تهديد، دا واقع وإتحطينا فيه وخلاص إتفرض عليا وعليك" 

"إحنا ممكن نتجوز من غير موافقتهم، إنتِ اللي مش موافقة" 

"انا مانفعش أم لولادك لو وافقت علي فكرة زي دي، إنت عايز إيه! كل حاجة بدأت تترتب أهي، إحنا معانا رأس المال، هانعرف نفتح مشروع كويس وهاينجح ان شاء الله ومع الوقت هايكبر، في إيدنا نعمل حاجة، ليه بتدور علي أقصر الطرق واسهلها واللي مش هاتعود علينا غير بالضرر" 

"قصدك إيه يا إيناس!"

"اللي فهمته يا حمزة، أنا ماشية" 

مشت إيناس وقعد حمزة لوحده، جواه مش مخليه موافق، جواه رافض فكرة المجازفة زي ما رافض فكرة المواجهه، مش عايز يضيع حاجة ضامنها في أيده، هو بيبعد عن أي حاجة مش مضمونة... وأي حاجة ممكن يتحط فيها إحتمالين وأي حاجة ممكن تخليه يقول ياريت... ماشي طول حياته بمبدأ واحد زائد واحد يساوي إتنين ، مش هايصنع معجزة ويخليها تلاتة، وهي مش قادرة تفهم كدا 

رجع حمزة الشقة ف شاف جدته قاعدة علي الكنبة، تقريبًا كانت مستنياه، بس هو مش بيكلمها من ساعة أخر خناقة بينهم، فدخل أوضته وغير هدومه ونام 

-------------

خبّط الباب ودخلت منه بنت في في العشرينات، أحنت راسها في الارض وإستنت لما يأذن ليها تتكلم، سمحلها تتكلم فإتكلمت وهي حانية راسها "كنت عايزة اطلب من حضرتك فلوس للشوبينج بكرا" 

قال وهو بيشاورلها بإيده تخرج "هابقي أحولك علي الڤيزا" 

قالت البنت وهي بتقفل الباب وراها "شكرًا يبابا" 

إستقبلتها أختها برا، أول ما طلعت البنت قلدته وهو بيقولها هابقي احولك فلوس بكرا وقالت مكملة "سي هتلر هايحولنا فلوس علي الفيزا ياختي" 

قالت أختها بسخرية "بركة إنه وافق، دا يتعمله تمثال علي الموافقة دي" 

دخلت اوضتها وهي تقول "البت ذكري إستريحت وغارت من هنا، مع إنها أصغر واحدة فينا بس أشجعنا والله" 

ردت اختها وهي بترفع اللحاف "من صغرها وهي مابتسمحش لحد يدوسلها علي طرف وبتعمل اللي في دماغها" ضحكت وتابعت "والله ساعات كنت بحس سي هتلر بتاعنا بيخاف منها" 

"بس ذكري ماهربتش عشان معاملة بابا، لأنها كانت مسيطرة في البيت براحتها والكلمة معاها بحساب، البت دي مشت عشان حاجة تانية" 

"ربنا معاها، دي أروبة وهاتعرف تعيش في أي حته، خلينا إحنا في خيبتنا" 

"علي رأيك" 

أنهوا كلامهم وكل واحدة فيهم أنشغلت بتليفونها

قطعت الصمت واحدة فيهم وقالت "قبل ما أدخل علي بابي الأوضة سمعته بيتكلم مع صورة وخباها لما دخلت" 

ردت أختها بإستغراب "صورة مين!" 

"ماعرفش، الجملة الوحيدة اللي سمعتها إنه مابيحبش حد يتمرد عليه وإنه إتجوز التانية عشان يكسر عزة نفسها" 

"يبقي بيتكلم مع صورة ماما كعادته، من ساعة ما ماتت وهو بيعمل كدا، يابنتي إنتِ ماشوفتيش ماما في الفترة الأخيرة كانت بتعامله أزاي" 

"كانت محترماه وهو اللي كان قاسي علينا كلنا ودايمًا بيهنا، ماحدش كان وحش غيره" 

"إنتِ مش فاهمة حاجة أسكتي" قالتها وبصت لفونها 

"طب فهميني ياست الفليسوفة"

رجعت بصتلها وقالت "بابي إتجوز ماما عن حب، كانت فقيرة جدًا وهو عمل المستحيل مع أهله عشان يتجوزها، لما إتجوزها بقي وعاند أهله وراح عاش بعيد في شقة كبيرة لوحدهم و..." رن تليفونها فإبتسمت وردت

ردت أختها بتريقة "هو سي عاطف بتاعك دا مابيجيش غير في الأوقات اللي ماينفعش ييجي فيها" 

لقت أختها مندمجة مع المكالمة فشدت اللحاف وقالت وهي بتنزل تحته "قال يعني البت هاتقول حاجة جديدة، ما كل دا أنا عرفاه" 

#يتبع

#قلب_ذكري

#الحلقة_الخامسة

لـ أميمة عبدالله



الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم