لما لا تهضم المعدة نفسها


 


الرمادي: الان دعني اروي عليكم الجانب الاخر، الذي بدأت اكتشف نفسي فيه بدقة، وجعل تصرفاتنا كجسد غريبا نوعًا ما، هو ما تشرحه هذه الابيات الصغيرة:


لا تعشق القلوب ما تهوى                ولن يمنحك القدر من تحب


وان كذبت في حبك تجد                  من احببت في حبك يلتهب


وان صدقت مع أحدهم                   ستجده تركك وذهب


وان صادف وتساوت المعادلة


وكانت صدفتكم من ذهب


ستجد القدر يلعب لعبته                    ويلقي ورقة حبكم في اللهب


ستظل تعشق وتحلم                       ولن يكون في حبك كذب


لكن حتما سيبعدك القدر                   لتملئ بأحزانك الكتب


هذا ما حدث، وما يحدث إلى الآن، لأكون واضح أكثر، بدأ الأمر منذ ثلاثة أعوام، كان عمري عندها 15 عاما بالضبط، بالأدق الذكرى السانوية ليوم ميلادي، 20/9 عندما رأيتها تضئ بين صديقاتها، كانت ذاهبة لأحد دروسها الخصوصية، نظرت لي نظرت سريعة، كانت عيناها جميلتان؛ فجذبت انتباهي دون أن أدري.

ولأني حينها كنت معجب بغيرها، أقنعت نفسي ألا أنظر لها أبدًا، مر يومان بعدها وبدأت الدراسة، ولأن للقدر سخريته، صادف انها معي في نفس الصف، ولحسن حظي كانت من الفتاة التي كانت تعجبني شيئًا ما، معي في نفس الصف الدراسي أيضًا.


مرت الأيام، يوم وأثنان، فأسبوع كل شيء طبيعي، ولكن في مساء أحد الأيام، كنت جالسًا مع أخي اكتب مذكراتي كما اكتبها لكم الآن، وبعد انتهائي من الكتابة، سألني سؤال لاحظت فيه صراعي، وهذا ما سأرويه لكم.


تعالوا معي بمخيلتكم الجميلة لمنزلي المتواضع، عدة أدوار هو أعلم أن الوقت متأخر قليلاً، إنها العاشرة مساءً، لكن لا بئس، اصعدوا معي الدور الثاني الثالث، نعم هذا يكفي فهنا أسكن، ادخلوا غرفتي مجاورة للباب مباشرةً، هنا أقضي معظم أوقاتي لكن لا أنام هنا، كما ترون أنتم ضيوفي، وهذه هي غرفة الضيوف، أعذروني على هذا الشكل المريع، بعض الاوراق ساقطة على الأرضية، مكتبي غير مرتب، كتب مدرستي بعضها ساقط بجوار المكتب، الأرضية ليست نظيفة جيداً كما ترون، هذا حال غرفتي المعتاد.


كان من المفترض تنظيف الغرفة، وإعدادها لكم، لكن أنتم أتيتم بدون سابق إنذار، و لم يكن لي متسع من الوقت لأُرتب غرفتي، لا يهم، لا أظن أن هذا الامر يضايقكم كثيراً، أُراهن أن اغلبكم غرفهم مشابه لغرفتي فلا نريد التجمل والتفاخر بالكذب على بعضنا، المهم أنتم الآن تشاهدون من خلف الشاشات، حيث أنكم غير مرئيون بالنسبة لنا، يُعتبر غير موجودين ليس تحقير من شأنكم لكني أروي ما حدث فقط، أنتم شاهدوا أحكموا في النهاية.

كما ترون هناك شاب نحيل وجهه مسود بعض الشيء، طويل قليلا متر و ثمانون سم على الأغلب، يرتدي نظارة، نعم إنه أنا بشرة سمراء قليلاً، عيون بنية شعر، متقلب بين الفصيلة الزنجية و القوقازية أهلكه  كريم الفرد، تستطيع القول أن شعري بطول خمسه عشر سم تقريبا، جالس في أخر الزاوية بجانبه بعض الكتب، وفي يده أحد الكتب المدرسية ، نعم كما ترون هداه الله، كما اسأله أن يهديكم كذلك، وكان يذاكر قليلاً، وبينما تروني في هدوئي، إذ بي أجد من يقتحم الغرفة بهمجية مفرطة، نعم يا سادة إنه أخي الصغير، وهذا هو الحوار الذي دار بيننا، سأل سؤلان أحدهم مر مرور الكرام و الآخر أشعل ما لا يشعل ففي المواد المشتعلة داخل نفسي، وكان الحوار كالتالي :

لما لا تهضم المعدة نفسها

عزالدين: اخيرا انهيت مذكراتي

نورالدين: هل ستنام الان؟!

عزالدين: نعم لماذا؟!

نورالدين: في الحقيقة كان هناك سؤال يشغل بالي!

عزالدين: ما هو؟!

نورالدين: المعدة تهضم اللحوم اليس كذلك؟!

عزالدين: بالطبع!

نورالدين: إذا لما لا تهضم المعدة نفسها؟!

عزالدين: الامر بسيط سأشرح لك لكن اولا دعني اوضح لك شيئا صغير عن جدار المعدة

نورالدين: حسناً وضح

عزالدين: جدار المعدة يتكون من طبقتين رئيسيتين طبقه عضليه وطبقة الغشاء المخاطي

الطبقة العضلية وظيفتها طحن الطعام وخلطه بعصارة المعدة حتى يصبح سائلا غليظ القوام ثم دفعه نحو الامعاء الدقيقة.

اما طبقة الغشاء المخاطي فهي تبطن جدار المعدة ومنها 35 مليون غده تفرز انزيمات لتكسير وتفكيك المواد الغريبة في داخل الخلية حيث تقوم بإفراز العصارة المعدية بواقع ثلاث لترات يوميا.

هذه العصارة تتكون من خميرة او انزيم ‹الببسين› وانزيم ‹الرئتين› وحمض ‹الهيدروكلوريك› بالإضافة إلى العامل الداخلي المنشأ اللازم لامتصاص فيتامين ‹ب 12›

نعود لسؤالك «لماذا لا تهضم المعدة نفسها؟!»

المعدة لها غشاء مخاطي يقوم بوقاية بطانة المعدة من حمض ‹الكلور› وانزيم ‹الببسين› لكن لا يوجد غشاء يحمي باقي عديات الخلية من تأثير هذه الانزيمات لأنها تقوم بابتلاع الاجسام الغريبة المراد هضمها إلى داخلها ثم تقوم بهضمها وبذلك تبقى الانزيمات معزولة عن باقي اجزاء الخلية.

وتحتوي المعدة على تعاريج بسيطة وفيها معادلة للأحماض والقلويات ‹PH› التي تدخل الجسم اي ان المعدة بها آلية تحميها من الاحماض والقلويات لتحمي جدارها اولاً ولا تهضم نفسها من عصارتها الذاتية التي تفرزها.

كما ان المعدة بها غشاء سميك جداً من المخاط ‹mucus› وهذا المخاط يعمل كعازل بين ما هو داخل المعدة وخلايا المعدة هذا الغشاء متصل متساوي السُّمْك في الجدار الداخلي للمعدة إلا من بعض المناطق التي تُخرج منها المعدة عصارتها المعدية، وعادة ما يكون مركز هذه القنوات للداخل في التجاويف البسيطة جدًّا لسطح المعدة الداخلي وتتجدد خلايا جدار المعدة بسرعة مذهلة تصل إلى نصف مليون خلية في الدقيقة، بحيث تتجدد في فترة تتراوح ما بين يوم إلى ثلاثة أيام.

كما أن هذه الخلايا المتجددة دائمًا، تعمل على تكوين حاجز سميك تفصل به غشاء المعدة وجدرانها الداخلية عن الحمض والأنزيمات الهاضمة، وهذا ما يُطلق عليه "الحاجز الميكانيكي" افهمت الامر بسيط

نورالدين: نعم بسيط سأذهب لمذاكرة واجبتي وفهم منهجي في مادة الاحياء ثم اعود لأنظر في كلامك هذا

تصبح على خير

عزالدين: وانت من اهل الخير

نورالدين: اخي هل لي بسؤال اخر

عزالدين: ما حكاية أسالتك هذه تفضل

(وسأل السؤال الذي كنتُ أخشاه فقد سألني عن... يتبع

#الكاتب_الرمادي

#مثقف_في_صراع_نفسي

الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم