هدوء يملأ غرفتي، الصمت يعم أرجاء المكان، بالكاد أسمع صوت أنفاس أخي الصغير الغارق في النوم؛ من ضجيج أفكاري المزدحمة في رأسي، كل منها يريد الخروج أولًا، حاولت التنقل في رأسي لأصطفي ما هو أفضلهم، ولكن لم أجد ما يكون سيء فقط حتى، فكلها تنحصر ما بين السيء والأسواء، فكل فكرة تحمل آلاف المعاناة باختلاف الأزمنة، حتى أني عجزت من أين ابدأ، آبدأ بالماضي المرير بما فيه من أخطاء اقترفتها، ولا يمكن حتى طلب المغفرة فيها؟، أم أحداث دمرتني تماماً؟
أم انظر إلى ما أنا فيه في حاضري، بما فيه من تعاسة أحياها؟ وأشخاص احترفوا الخداع والنفاق والكذب حتى كدت اتأثر بهم؟ ام ألقى نظرة ولو خاطفه لمستقبلي المخيف؛ لما فيه من ظلام بالكاد لا أرى فيه حتى بصيص من الامل يجعلني احيا من اجله؟
جميع تلك الافكار جعلتني اعاني من صراع دائما في رأسي، ما بين افعل هذا، ولا تفعل هذا، احترق كل ليلة وكل نهار، كل يوم وكل ساعة كل دقيقة، كل ثانية ولا اعرف كيف ابدأ، بل لا اعرف من اين ابدأ؛ فكل حياتي عبارة عن جحيم تختلف درجات حرارته، وجميعها تحرقني.
وبينما أتنقل في ساحة رأسي باحثاً عن جواد أهرب به من كل هذا، لم أجد لي الخلاص إلا بـ جوادان أهلكهما الحروب، رغم اختلاف أحداثها، الأول هو ارتفاع روحي إلى بارئها، والثاني هو أن أسلب أنا روحي من جسدي كي أحررها، وترتفع إلى بارئها، كلا الخيارين مستحيل فالأولى قدر مكتوب من قبل أن ينبض قلبي في رحم أمي، والثانية هي الأولى لكن مع خسارة آخرتي مطلقا، فلم يعد بإمكاني سوى الهروب من كل هذا، ببضعه مهدئات حتى أخلد إلى النوم، لملاقاة أحلامي الوردية؛ حيث إنها طليت بطلاء السعادة المؤقتة.
ثم بعدها أعود إلى الجحيم مرة أخرى، فقد فرض عليا ولم أختر منه شيء، نصفٍ يشاطرني جسدي، والنصف الآخر يشاطرني الحياة، هل تعلم سأحاول أن أنسى كل هذا، فقط سأنظر للجانب المشرق، وسأظل أكتم الظلمات في نفسي حتى يحدث ما أريد، إما أن أنفجر كالبالون، أو يتغير مزمار السباق إلى الشكل الذي يروق لي، سأظهر ما أشتعل من النيران ليضيء الطروقات لكم، وسأخفي رماد ما أحترق هَبَائِهَا في سبيل التقرب منكم
لا أعلم إن كنت تذكرني أو لا وأيضًا لا أعلم من تكون أيها القارئ وإن كنت تعرفني أم لا لذا دعني أعرفك بمن أكون .
#الكاتب_الرمادي
الوسوم:
مثقف في صراع نفسي