مشهد مقتبس من رواية المطهر

 ركضت ملك نحوه وهي تقول "العم ماجلين" كيف حالك.. قالتها وهي تعانقه وهو يقول: مرحبًا ببطلتي الصغيرة، أنا بخير، ماذا تفعلين؟

قالت ملك ببراءة: كنتُ أنتظر قدومك 

ماجلين: قدومي؟ كيف عرفتي أني سآتي.. قالها بتعجب؛ فهو لم يخبر أحد أنه قادم

ردت عليه ملك بنفس براءتها: لم أعرف، لكني تمنيتُ لو أتيت اليوم

ماجلين: كم مصيبة قومتِ بها

ملك: ماذا؟ لا أنا لم أقم بشيء، لِمَ تظن بي ذلك؟

نظر لها قليلًا بإبتسامة وهو يقول: حسنًا لِمَ كُنتِ تنتظرين رجوعي

ملك: حسنًا لقد أخبرني مدير المدرسة أن أحضر معي أحد من أولياء الأمور، ولم أُرِد اخبار زوجتك، كما تعلم هي مسكينة ولن تتحمل كل هذا الـ...

ضحك ماجلين ثم قال: زوجتي، مسكينة.. أتيتُ إلى هنا هربًا منه فوجدته فيكِ، إبنة "عز الدين" بحق...

قالت ملك بنظرةٍ حزينة: لِمَ أبعدني أبي عنه، هل هو لا يحبني؟ 

صُعِقَ ماجلين من كلمات تلك الفتاة، صمت قليلًا ثم قال: لا بل هو يُحبك، لكن تعلمين، بعد وفاةِ أمك، خشي أن تتأثرين بتلك الأجواء الكئيبة، لذا أخبرني بأن آخذك لهنا قليلًا حتى يُرتب أموره ويأتي للعيش معنا هنا..

ملك: هل حقًا سيأتي للعيش هنا؟

ماجلين: نعم، سيأتي.. الآن أخبريني ماذا فعلتي هذه المرة؟

ملك: أنظر.. كنتُ أسير مع صديقةً لي في هدوء، حتى أتى بعد الحمقى ليضايقونها..

ماجلين: لِمَ كانوا يضايقونها

ملك: لأنها ذات بشرةٍ سمراء

قال ماجلين هامسًا في نفسه: اللعنة، أتمنى أن لا يكون قد حدث ما أعتقده.. ثم قال لها وماذا فعلتي أنتِ

ملك: لا شيء ذهبتُ له في هدوء، ثم ضربته بقدمي في أنفه.. فسقط على الأرض وبدأ في النزيف.. لذا ما ذنبي أن بنيته ضعيفة ولم تتحمل الضربة؟

ماجلين: لا، لا ذنب لكِ ملطقًا، كيف تذنبين وقد حطمتِ أنف الفتى

ملك: حطمتُ أنفه، لأنه حطم صديقتي عن طريق سخريته من شيء لا شأن لها به، ولا يعيبها حتى، وأقسم أني سأحطمه في المرةِ القادمة.. 

ماجلين: لا، لا، اسمعي يا ملك، لا أعلم كيف أخبركِ بهذا، لكن ليس كل ما علمه إياكِ أبيكِ صواب، نعم الفتى أحمق ويستحق العقاب، لكن هذا لا يعني أن تقومي أنتِ بعقابه، ولا يجب أن تستخدمي مهاراتك في القتال على الملأ هكذا، هذا خطأ؛ سيوقع بكِ في الكثير من المشاكل.. لذا أحرصي على أن تتماسكي، وأن تتصرفي بحكمة، العالم مليء بالأوغاد، ولا يمكننا معاقبة الجميع..

أنا وأبيكِ علمناكِ وسنظل نعلمك فنون القتال؛ للدفاع بها عن نفسك، لكن ليس من الحكمةِ أن نستخدمها في كل شيء، وبشكل يعرضنا للعقاب..

ملك: لكن أبي قال "أنه يعلمني فنون القتال من أجل الدفاع عن الضعفاء"

ماجلين: معه حق، لكن دافعي عنهم بشكلٍ لا يوقع بكِ، فكري بطرق تجعلكِ تنتقمين دون أن تظهري في الصورة

ملك: مثلما فعل أخي جون وهو صغير؟

ماجلين: اللعنة عليك يا ديمون، كيف صنعت من اولادك شياطين بهذا الشكل.. قالها في نفسه، ثم قال بصوت تسمعه ملك: ماذا فعل هو أيضًا

ملك: كان يضايقه أحد الحمقى فأسقط قشرةَ موز بالقرب من السلم وحين أتى ذلك الفتى لينزل من السلم، ركض هو تجاهه ليمثل أنه تزحلق في تلك القشرة مما جعله يضربه بقدمه في قدمه مسقطه من على هذا السلم..

شاهد أحد اساتذته وهو يسقط لذا كان شاهدًا أنه مجرد حادث لم يقصده "جون" لكنه كان يقصده لأنه أخبرني بأنه طلب من صديقًا له الركض خلفه كأننا نلعب ليقوم هو بهذا.

هنا شعر ماجلين بالخطر على أخلاق أولاده من هذان الشيطانان الذان أخذهما ليربيهما معهم.. 

الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم