في اولى ليالي الشتاء

 في أولى ليالي الشتاء... 

حيث الشتاء أفضل الفصول لدى بعض البشر، فهذا يجلس مرتديًا سترتًا منيعة من سقيع البرد وهو مستمتعًا بصوت فيروز، وهذا يجلس وراء النافذة يشاهد هطول المطر منبهرًا بجمال المنظر، وهذا يجلس خلف المدفئة لتحميه من سقيع البرد، وهذا المختل يهبط من منزله بتلك السترة يسير ويرقض تحت هطول المطر، في أولى ليال الشتاء... حيث أسوء الكوابيس، أسكن في العراء، وفي بعض الأحيان أضطر للنوم على قارعة الطريق، حيث البرد القاسي يفتت جسدي الهزيل، ملابسي البالية التي تزيد من قرس البرد على جسدي،أرتجف بشدة وأنا مغمض العينان وساقي معراة فلم تستطع تلك البوردة الممزقة أن تغطيها فأضطر إلى أن أكبل قدمي بيدي ، أنا المشرد، فاقد الحياة، تلك الملابس المرقعة وذاك السروال المتهرئ، هم ملجأي الوحيد لحمايتي من البرد القارس رغم علمي بأن ارتدائه كعدمه تمامًا، أنا الذي لم أختار التشرد بل الحياة من اختارته لي، أنا ذاك العجوز الذي يرمقه البشر بإستحقار بمجرد رؤيته بسبب ملابسي البالية، نظرات الإشمئزاز تحاصرني لم يكتف البشر من ظلم الحياة لي، بل أخذوا يدعوني بالمجنون، هل تشردي يؤذيكم؟ ألا تعلمو أن الحياة تأخذ مني أكثر مما تعطيني، لو كنت أملك أبًا مثلكم لعل ذاك لم يكن حالي، كم تمنيتُ أن تعطيني الحياة حقوقًا، لا تسلبها مني في غمضة عين، حقًا هذه حياة ظالمة وبلد مفلسة لا تمتلك أي رصيد قيمي وأخلاقي، لقد سلب الله من قلوبهم الرحمة، وأغشى عينهم عن العدل، وعندما أموت "سأخبر الله بكل شيء" 

*عبدالرحمن حجاب*



الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم