اللعنة - الفصل الأول

 

في إحدى الأحياء العادية في محافظة القاهرة تقع عمارة عريقة كأنها سافرت عبر الزمن تلفت تفاصيلها النظر كأننا أمام تحفة فنية لفان جوخ.....

إنتقلت زَها و والدتها السيدة كريمة للسكن في إحدى شقق تلك العمارة العريقة التى تمتاز بموقعها و قربها من كل الخدمات الموجودة بالمدينة

زَها هى فتاة في أول العشرينيات من عمرها أنهت كلية التجارة و بدأت في البحث عن عمل

هي فتاة مهذبة ذات بشرة بيضاء و عيون واسعة بنية كعيون الغزال شعرها أشقر يميل للبني تمتلك إبتسامة رقيقة

بعد أيام قليلة من إنتقالها للسكن الجديد لاحظت أن السكان هادئو الطباع على عكس المتوقع فيوجد أطفال كثر في العمارة إلا إنه عندما تدق الساعة تسكت كل الاصوت وتغلق الانوار و لا يسمع همس حتى في المكان و لإنها لم تكن تبيت ف المكان لأعمال النقل و التعديلات فلم تكن موجودة ف الشقه ليلًا ....

والدة زَها كبيرة في العمر تُصلي العشاء و تنام و تستيقظ فجراً لتصلي و تقوم بأعمال المنزل كأى أُم مصرية أصلية

أما زَها في هذا اليوم خرجت للفرندا في الساعة التاسعة إلا ربع ليلاً مع فنجان من القهوة و سماعات الاُذن و موسيقاها المفضلة تتصفح الإنترنت بحثاً عن عمل مناسب لها و عندما دقت الساعة التاسعة شعرت بلسعة برد شديدة رغم إننا في منتصف فصل الصيف و قبض قلبها و تهيئ لها كأن أحد مر من خلفها ..

دخلت لغرفتها و أغلقت أنوارها و إستعدت للنوم و أثناء ذلك ضرب الهواء وجهها و الغريب أن لا يوجد مدخل لهذا الهواء لكنها أقنعت نفسها أنها تتوهم و جلست في فراشها للنوم

رأت في منامها شاب شديد الوسامة ينظر لها من بعيد و يقول لها ستكونين عروسى أنت من إختار ذلك ثم بيتسم إبتسامة بطرف فمه تنم عن الشر

تقوم فزعة لا تعلم لما تشعر إنه كان حقيقًا و ليس حلم

تنظر لساعة هاتفها تجدها السابعة صباحاً تخرج تجد والدتها السيدة كريمة تعد الإفطار و تضعه على الطاولة المستديرة التى تتوسط الصالة

تُساعدها زَها في وضع الإفطار و يجلسان يتناولان طعامهما مع كوب الشاي الساخن

تقول زَها لوالدتها أن لديها مقابلة عمل اليوم و عليها الإستعداد سريعاً

تدخل غرفتها لتجهيز نفسها و ترتدي ثيابها إرتدت بنطلوناً إسود و بليرز إسود و بلوزة بيضاء و رفعت شعرها للأعلى كذيل الحصان إرتدت سلسلة تحمل حرفها Z و ساعتها الأنيقة أثناء ذلك كانت تفكر ف الشاب الذي رأته في منامها فقُبض قلبها 

خرجت سريعاً أخذت سيارتها الصغيرة التى تحمل لون السماء و سارت في طريقها حتي وصلت لاحدى الشركات و حينما وصلت لمكتب الإستقبال سألت عن مكان عقد مقابلات العمل و دلتها الموظفة على الطريق

جلست في غرفة أثاثها أنيق و تفوح في الغرفة رائحة جذابة و فجأة دخل الغرفة شاب وسيم نظر لها و قال لها انتِ أنسة زَها بالتأكيد و تبادلا أطراف الحديث و قُبلت ف العمل أثناء ذلك كان يراقبهم أحد من خلف زجاج المكتب و يبتسم بطرف فمه و قال بصوت يشبه الهمس انتِ من جِئتي لى ساعيةٍ ........


تسلمت زَها وظيفتها و بدأت بالعمل منذ اليوم الأول و لكن رغم سعادتها بذلك كان هناك دائماً شعور غريب بقلبها تجاه المكان كأنه عالم جديد يقوم بسحبها داخله و لا تقوى على مقاومة ذلك السحر .....


يراقبها في صمت دون ان تراه فهو يعلم جيداً أنها ستفر منه إن ظهر لها الآن قبل أن ترتبط بالمكان ....

توالت الأيام و مر شهران على تسلُم زَها العمل لكن لم يمروا مرور الكرام حيث أن منامات زَها تكررت و بدأت ترا ملامح الشاب بشكل أوضح

إنه بغاية الوسامة ملامحه مريحة و هادئة لكن عيناه يخفينا إعصار و أمواج تتلاطم رغم جمالهما الأخاذ إلا إنهم يسحبانك في بئر حالك الظُلمه عميق .....

هو طويل القامة بشرته خمرية تميل للسمار عيناه بنيتان إذا لمحته من بعيد تظنه أحد المشاهير أو لاعبي كمال الأجسام من هيئته .


ذات يوم إضطرت زَها لتستلم مكان أحد زُملائِها و السفر الى محافظة أخرى مع المدير

حصرت زَها حقيبة سفرها و أخذت سيارتها و توجهت للفندق الذي سيعُقد به الإجتماع لم تكن تعلم أنها ستري الشاب الذي تراه بأحلامها وضعت حقيبتها في الغرفة التي حجزتها الشركة لها وتوجهت مباشرةً للغرفة التي نزل بها المدير طرقت الباب طرقتين في أذن لها بالدخول و حينما دخلت للغرفة وجدته يولى ظهره لباب الغرفة و يُنظم من هِندام بدلته و يقول لها ما جدول اليوم و هل حضرتِ الميزانية دون أن ينظر لها فأجابت على أسئلته كلها و بداخلها تستشيط غيظًا و تقول ياله من مغرور لم يُكلف نفسه بالنظر إلى حتى و أنا اُحادثه و إنتهى حديثهما و خرجت و ذهبت لتتجول قليلاً في المدينة حتى وقت الإجتماع .....

عادت للفندق و إرتدت ملابس رسمية لتناسب الإجتماع فهذا الذي بُلغت به قبل السفر

و قبل أن تنتهى رن هاتفها برقم لا تعرفه و حينما فتحت المكالمه إتضح إنه من سكرتيرة المدير العام بالشركة تبلغها أن الإجتماع تحول لعشاء عمل و عليها أن ترتدى ما يناسب ذلك من فستانِ سهرة و حذاء و حتى أن تضع بعض مساحيق التجميل كادت أن ترد ألا أن باغتها طرق باب غرفتها و كان أحد موظفي خدمة الغرف يحمل ثوباً أزرق داكن أنيق للغاية و يقول لها أن المدير أرسله لها فشكرته و أخذت تغير ثيابها و تضع مساحيق التجميل و هى تسب و تلعن غطرسة المدير و قلة زوقه .....

أنهت تحضيراتها و إتجهت الى المكان المحدد لعشاء العمل و حينما دخلت من باب المطعم لمحت رجل الأعمال و زوجته يجلسان على طاولة ذات إطلالة مبهرة أمامها صفحات البحر يسقط القمر ضوئه الخلاب عليها و يجلس أمامهما شخص يُولى ظهره لباب المطعم فتوقعت انه المدير المتغطرس توجهت إليهم و وقفت خلفه مباشرة و قالت أعتذر بشدة عن تأخري و رحبت بهم فقام من مكانه و نظر إليها فوجدت نفسها أمام ذلك الشاب الذي سكن أحلامها منذ بِضعة أشهر صُدمت فتحت فهها على أخره و جحظت عيناها و ظلت صامتة ثم سقطت أرضًا .......

إستيقظت لتجد نفسها في غرفة تشبه غرف المستشفى و يجلس ذلك الشاب بجانبها و ينظر لها إعتدلت في جلستها و تنحنحت كادت أن تتكلم فقاطعها : إنتِ كويسة؟!

قالت : ايوا بس إنتَ مين !!

قال : انا مديرك المهندس خالد ، انا بس محتاج أعرف انتِ اية اللى حصلك لما شفتينى إتخضيتى و اُغم عليكِ كإنك شُفتى عفريت.....

نظرت له و هى تتفحصه إنه كما تراه دائماً بمنامها نفس ملامحه و نبرة صوته حتى شكل ابتسامته لكن عيناه ...

 عيناهُ مختلفتان تفيضان سكينةٍ و هدوء و رصانة على عكس مناماتها التى تظهر بها عيناه تبعثان الشرور و القسوة.

لم تعلم ماذا تفعل ....

عندما عادت لغرفتها حاولت ربط الأحداث و ربط المنامات و كيف تراه في منامها و تراه في الواقع !

تم عقد الصفقة المراده و عادوا الى القاهرة و كانت تتعامل بشكل طبيعى معه حتى لا يراها مجنونة لكن بداخلها كانت تهابه بشدة و تهاب فكرة أن يكون للأمر علاقة بالعالم الآخر....

لم تكن تعلم زَها أن ماضيها سيلاحقها و إن لم يكن لها يد به حتى و إن محاولات والدتها السيدة كريمة بالهرب بها منه ستبوء هذه المرة بالفشل أيضاً 

#يتبع

للروائية منة الله عادل


الكاتب الرمادي

إن لم ترى نفسك في عيون الآخرين فأعلم أنك لم ترى نفسك مطلقًا وأن عقلك يخدعك عن ما تعرفه عنك لا محالة.. فلم نخلق لنرى ما بداخلنا بل لننظر داخل الآخرين..

إرسال تعليق

أحدث أقدم