لكن للأسف بعد فترة ليست بقليلة، تغير أسمي، بل تغيرت كليا إلى الرمادي، لم يبقى شيئا ثابت على حاله الا جسدي، لم تطرأ عليه سوى تغيرات قليلة.
في الحقيقة ما حدث معي ربما حدث مع الجميع، لكن للأسف تم اقتراف خطأ صغير، جعلني في هذا الصراع اللعين، صراع بين أنا وأنا، وأنا، وهذا يعني أن من يحدثكم الان ليس شخصًا، بل ثلاثتنا نتحدث تزامنا في الوقت نفسه، في الحقيقة تعريفنا هو الشيء الوحيد الذي اتفقنا عليه، من أنا وكيف اصبحت هكذا؟ سأخبرك.
أنا الرمادي يا صاح، أنا الجحيم، عندما اقول أنا الرمادي، فإنا قصدي بـ أنا، هو (أنا نحن في صورة أنا مجسده) بصورة أخرى، أدمج خمس حواس جسديه، واربعين ألف روحيه، تحصل على شخصيتي الرمادية.
أنا بداخل كل منكم، لكن بصورة مختلفة؛ فكل انسان بداخله ملاكًا، وشيطانًا صغيرًا، ولدا تزمانا مع تكوينه، يتغذون على الحياة، لما فيها من تجارب، سرعة نموهم تعتمد على البيئة المحيطة، والأشخاص الذين هم حولك، وسرعان ما يكبر أحدهم دون الاخر، او ينمو أسرع من الاخر، وبالكاد يكون مستحيل نمو الاثنين معًا، وكثيرا ما ينمو الشيطان، ويسيطر أسرع بداخلنا، ويترك الملاك رضيعاً لا حول له ولا قوة، ورغم ضعفه، وضالة حجمه، لكن احيانا قليلة يُسمع صوته، وتُتخذ قراراته، هذا ما يحدث معنا جميعًا.
لكن ما حدث معي أنا، أن الملاك نمى و كبر اولًا، وبناءً على ذلك اصبحت أنا لوسيفر، مسيطر بسبب خطأ طفيف قام بهِ أنجل، بالمناسبة هذا هو إسم ملاكي، اخطأ خطًأ واحدًا، وهو احتلاله للقيادة اولًا، حينما كان ثلاثتنا طفلا، و جعلنا نواجه هذا الجحيم بقلبه السموح و مبادئه اللعينة بلطفها؛ فكان مع كل انهزام و انكسار قابلنا، كنت أكبرُ ويشتد عودي أكثر، بينما هو لا يتحرك، ظل ساكنًا في نموه وقوته؛ فقد كان يتجاهل أن للحياة قوانين وأساليب فاقت قوانين و اساليب (رهبان اوربا في العصور الوسطى) وحشية، وعندما تكون الحياة رحيمة معنا، كانت تطبق سياسة هؤلاء الرهبان، لكن بصيغة مختلفة.
سأخبركم مثال صغير بعد انتهائي من تكويني يوضح قصدي، لنكمل الآن، ظلت الحياة تترك "أنجل" يتمادى في تجاهله حتى اقامت عليه حكمها بإلقائه في مفرمة مدمرة لا نجاة منها معنويا، وبدأت في تنفيذ حكمها، إحذروا ماذا، كان أنتم اسنان تلك المفرمة اللعينة، عن طريق طباعكم الحاد، خبثكم الذي كاد يُفرز رائحة كريهة تسمم من يشتمها، وأساليبكم البغيضة في التعامل، يزيد على ذلك نفاقكم، وكذبكم المستمر.
بفضلكم كدنا نهلك أنا وهذا الجسد وهذا الاحمق الصغير "انجل"، لكن سرعان ما امتلكت أنا القيادة قليلا؛ لأعلن لجسدي بداية عصر جديد تحت حكمي أنا "لوسيفر"، اتيت لأتحدى سياستكم، وأثق في فوزي؛ فسياستكم مقتبسه من الجحيم، اما أنا فخلقت منه.
عاصر جسدي عصر جديد من القوة، حتى أصبحت مفرمتكم لا تقوى حتى على جرحي، لكن سرعان ما عاد هذا الاحمق ليسترد حكمه فتركته له، وصل الخبر إلى هذا العالم اللعين؛ فقام بلعبة اخرى اشد قسوة، اتبعت اساليب «فلاد الثالث» الشهير بـ "دراكولا"، مما أدى لهذا الصراع الدائم بين أنا وأنا؛ لكي اكسب ثقة أنا الثالثة؛ لأحكم نفسي، لم يعد بإمكانك أن تميز من أنا لكن ما يمكنني أنا أأكده لك، أنه كلما حكمت أنا، أكون محملًا بغضب مدمر يفوق بركان «منالوا» عند انفجاره، لأقوم بتدمير كل من حولي، لا أفرق أكان هذا مذنب ام لا، سياستي بانكم كلكم سواء، جميعكم لا تستحقون مبادئ "انجل" ولا يجب أن تلوموني؛ فكل هذا بُني على أفعالكم.
وعندما احكم أنا ثقوا بأني لن الاحظ اخطائكم أو عيوبكم حتى لألومكم عليها لن اتذكر الا الجيد فقط.
أما عندما أحكم أنا فسأطبق عليكم أحد قوانين نيوتن، وهو لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار مضاد له في الاتجاه، وإن أتحدت مع نصفي الروحي، ربما أطبق السماء عليكم، وإن أتحدت مع النصف الآخر، ربما تهاونت معكم قليلًا
لم تفهموا ما اقصده كاملًا، لكني سأوضح فيما بعد، أعدكم بأنكم ستفهمون البعض، ولن يلحظ اغلبكم كل ما قصدته لكن دعوني اذكركم.... يتبع
#مثقف_في_صراع_نفسي
#الكاتب_الرمادي